[موقف جمال البنا من الأحاديث التي ذكرت بعض أمور الغيب]
ولذلك يسأله سائل فيقول: هل ممكن أن تعطينا بعض أمثلة لأحاديث تتعارض في نظرك مع القرآن الكريم؟ فيقول: كل ما أتى عن الغيب: الجنة والنار والميزان والساعة والصراط والحساب والجزاء، وكل الغيب استأثر الله به، أي: لم يطلع عليه نبيه، ولم يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم بشيء من هذا قط.
فيقول: وأنه إذا اطلع الرسول على جزء منه فليس لكي يشيع هذا.
يعني: أنه يقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم مخطئ، حتى لو قال له ربنا وحدثه عن الجنة والنار والحساب والصراط والجزاء وغير ذلك؛ ما كان ينبغي للرسول صلى الله عليه وسلم أن يخبر الأمة بهذا، فهو يصحح للنبي عليه الصلاة والسلام.
وذكر له حديث أبي هريرة: (إن في الجنة شجرة يسير في ظلها الراكب مائة عام)، فأنكر هذا؛ بل ضحك وسخر حتى وقع على قفاه من شدة الضحك.
اللهم احرمه منها، اللهم احرمه منها.
يقول: وكل الآيات الصريحة بعلم الغيب الذي استأثر الله بعلمه تتنافى مع وجود آلاف الأحاديث التي تحدد تحديداً دقيقاً كل ما في الجنة والنار والحساب والعقاب منذ أن يموت الإنسان؛ فهذه نتوقف عنها ولا نقول فيها بشيء.
هكذا يقول جمال البنا الإمام المجتهد! ويسأله سائل فيقول: في ضوء رؤيتك للتعامل مع السنة، كيف ترى أحاديث يأجوج ومأجوج والمهدي والمسيح الدجال وعذاب القبر وما إلى ذلك من أمور غيبية؟ يقول جمال البنا: كل هذا من الغيب، ولا قيمة له ولا يعنينا في شيء، فالإسلام لا يريد من المسلمين إلا أن يعيشوا سعداء في مجتمعهم وتكون أخلاقهم سليمة والعدالة سائدة بينهم، والعلاقة طيبة بين الحاكم والمحكوم، وبين الرأسمالي والعمال، وبين الزوج والزوجة، فالقيم هي أهم شيء.
وهذه المقولة هي نفس مقولة مصطفى محمود.
ويقول: والأستاذ البنا رحمه الله كان يقول: كل علم لا يتعلق به عمل فهو لغو لا قيمة له.
وهذا من غبائه؛ فقد استشهد بكلام الشيخ حسن البنا رحمه الله ليؤيد ما هو عليه، فإذا بكلام الشيخ يخالف كلامه؛ س فإن الشيخ حسن البنا يقول: كل كلام لا ينبني عليه عمل لا قيمة له.
وأي كلام في الشرع لا قيمة له أو لا ينبني عليه عمل؟! فكل كلام في الشرع له قيمة وينبني عليه عمل، ولذلك فإن العمل القلبي شرط في صحة الإيمان، وعمل الجوارح شرط في كماله وتمامه، والعمل إما أن يكون قلبياً أو متعلقاً بالجوارح لا ثالث لهما.