وهناك شفاعة عزيزة جداً، شفاعة الأولاد الصغار لآبائهم.
أخرج أحمد من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (إن الله عز وجل ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب! أنى لي هذه -يعني: كيف بلغت هذه المرتبة العالية في الجنة ولم أعمل عملاً أكافأ بها-؟ قال: باستغفار ولدك الصالح لك).
فلا ينفعك إلا ولدك الصالح، أما الطالح فلا، فإن شئت أن تربيه على المعصية والفجور فهو لن ينفعك، وإن ربيته على الصلاح فهو ينفعك؛ فلذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام:(ثلاثة تنفع العبد بعد موته: ولد صالح يدعو له).
وعند مسلم من حديث أبي حسان قال:(قلت لـ أبي هريرة: إنه قد مات لي ابنان -مات لي ولدان- فما أنت بمحدثي عن رسول الله عليه الصلاة والسلام حديثاً تطيب به أنفسنا عن موتانا؟ قال: صغارهم دعاميص الجنة يتلقى أحدهم أباه -وفي رواية: أبويه- فيأخذ بثوبه -أو قال: بيده- كما آخذ أنا بصنفة ثوبك الآن، فلا يتناهى ولا ينتهي حتى يدخله الله الجنة وأبويه).
يعني: يأتي الرجل يوم القيامة وقد مات له ولد أو ولدان أو ثلاثة، فإذا كان يوم القيامة تمسك الأولاد بأثواب وتلاليب آبائهم وأقسموا على الله عز وجل ألا يدخلوا حتى يكون الداخل قبلهم آباؤهم وأمهاتهم، وتلك شفاعة الصغار الذين ماتوا قبل أن يبلغوا الحلم، وقبل أن يجري عليهم القلم.
ولذلك قال عليه الصلاة والسلام:(ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث -أي: لم يبلغوا الإثم والذنب- إلا أدخلهم الله وأبويهم بفضل رحمته الجنة.
وقال: يقال لهم: ادخلوا الجنة، قال: فيقولون: حتى يجيء أبوانا ثلاث مرات، فيقولون مثل ذلك، فيقال لهم: ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم).