قال النبي عليه الصلاة والسلام فيما أخرجه الشيخان من حديث أنس:(بعثت أنا والساعة كهاتين، قال أنس: وضم السبابة والوسطى).
وهذا الحديث يشير إلى تقريب أمرها وسرعة مجيئها، كما صرح بذلك القاضي عياض والقرطبي في التذكرة صفحة (٧٣٢)، وأضاف الصنعاني إلى هذا المعنى احتمالين آخرين، وهما: أن المراد قربها عند الله، أو أن المراد إنما هو قرب أشراطها لا قربها هي، وأنها تأتي بغتة.
وقد اختلف العلماء في تعيين المقصود من قوله:(كهاتين.
وأشار بالسبابة والوسطى)، والسبابة هي التي يسبح بها، وهي التي تلي الإبهام، وأما الوسطى فهي الأصبع الوسط، ولا شك أن الأصبع الأوسط أطول من بقية الأصابع، فقال البعض: المقصود منه الإشارة إلى قرب المجاورة بين البعثة وقيام الساعة، فإن الساعة إنما تأتي مقاربة ومجاورة لبعثة النبي عليه الصلاة والسلام، وقال البعض الآخر: إنما المقصود من الإشارة تفاوت ما بينهما طولاً، أي: في مدة الزمن، فليس بين بعثة النبي عليه الصلاة والسلام وبين قيام الساعة إلا كما بين السبابة والوسطى من فرق في الطول، ولا شك أنه قصير، وهذا يدل على اقتراب الساعة كذلك، واختار هذا الطيبي والبيضاوي.
وقيل: المقصود: ليس بينه وبينها نبي ولا واسطة؛ إذ ليس بعد بعثة النبي عليه الصلاة والسلام بعثة ولا رسالة، وكل من ادعى الرسالة أو البعثة أو إنزال الكتب فهو كاذب، وقد حذرنا النبي عليه الصلاة والسلام وأخبرنا أنه سيكون قبل قيام الساعة ثلاثون كذاباً، كلهم يدعي أنه نبي.