[الضوابط والمفاهيم التي يجب الاحتكام إليها]
والدكتور شعبان إسماعيل يقول تحت عنوان: (ضوابط ومفاهيم يجب الاحتكام إليها).
أولاً: الدعوة إلى الاحتكام إلى القرآن وحده وترك السنة الصحيحة كفر لا مراء فيه، وقد انعقد الإجماع على ذلك كما نقلناه من كلام ابن حزم والشافعي وابن عبد البر وغيرهم.
يقول: والسنة هي المصدر الثاني للتشريع، فتركها ترك لأكثر أحكام الشريعة والقرآن الكريم، ولذلك نجد آيات القرآن الكريم تحث على طاعة الله تعالى وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام، فلا تكاد تجد آية تحث على طاعة الله تعالى إلا وتجدها تأمر بطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام، والعلماء مجمعون على أن المراد بطاعة الرسول اتباع سنته الشريفة.
ثانياً: دعوى أن الله تعالى قد تكفل بحفظ القرآن من التحريف والتبديل ولم يتكفل بحفظ السنة، وبالتالي فلا نأخذ منها الأحكام ونكتفي بالقرآن؛ دعوى مرفوضة يكذبها الواقع والشواهد الشرعية، فالله تعالى قد تكفل بحفظ شرعه كاملاً بمصدريه: القرآن والسنة.
ثالثاً: دعوى عدم قبول أي حديث لا يؤيده القرآن دعوى مغلوطة ومرفوضة، فليست هناك أحاديث تعارض نص القرآن الكريم ومنطوقه، بمعنى أنه ليس هناك حكم شرعي يحله القرآن أو يحرمه وتأتي السنة بعكس ما جاء به القرآن، وهذا هو المعروف بالتعارض، ولو أحلت الآية القرآنية شيئاً ثم حرمته السنة أو العكس نظرنا في الناسخ والمنسوخ، فإن لم نجد حكمنا على الحديث بالوضع مباشرة، وهذا كلام اجتهد فيه المحدثون اجتهاداً عظيماً جداً، وصنف ابن القيم عليه كتاباً اسمه: المنار المنيف في إثبات الصحيح والضعيف، وذكر علامات الوضع في الحديث النبوي، وجاء بعد ذلك ابن الجوزي عليه رحمة الله، وكتب كتاباً بعنوان: (مقاييس المحدثين في نقد المتون) وغيرها من الرسائل العلمية الكثيرة في الدكتوراه والماجستير أثبتت أن علماء الحديث قد أفنوا أعمارهم في قطع معايير تميز صحيح السنة من ضعيفها، والثابت منها وغير الثابت.
فليس هناك تعارض، وإذا كان هناك تعارض فالحكم كما قلنا، إنما مقصود جمال البنا وأصحابه بالتعارض هو أن السنة تنفرد بذكر أحكام عن القرآن الكريم، وهذا يتعارض عندهم، فيقولون: أحاديث الشفاعة أحاديث موضوعة وباطلة ومكذوبة على النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن القرآن كله نفى الشفاعة، نسأل الله تعالى ألا يشفع نبيه فيمن ينكر الشفاعة، قال أنس رضي الله عنه: إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من جحد الشفاعة فلا حظ له فيها).
والجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها يجوز على مذهب جمال البنا، بل إنهم قالوا: يجوز نكاح الأم! وهذا موجود في كتبهم تحت شعار الحرية الشخصية، وفي طبعة أخرى: الحرية الجسدية.
والمحرمات التي ذكرت في سورة النساء لا تتعارض مع الأحاديث التي ذكرت المحرمات التي لم تذكر في كتاب الله عز وجل، وكذا لو تتبعنا الأحكام التي جاءت بها السنة ولم يأت بها القرآن لم نجد فيها تعارضاً مع القرآن الكريم، وإنما هي أحكام جاءت بها السنة زيادة على ما جاء به القرآن الكريم، والكل من عند الله تعالى، فالقرآن وحي الله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم.
رابعاً: فتح باب الاجتهاد لكل من هب ودب دعوة مرفوضة عقلاً وعرفاً وشرعاً، ولا تحتاج إلى تعليق، فلكل فن وعلم وحرفة أو صناعة أهلها المتخصصون فيها، ولا يسمح لمن ليس من أهلها أن يدخل فيها، فلا يتصور أن بائع البطاطا يجري عملية جراحية لأحد المرضى، كما لا يتصور أن دكتوراً أو مهندساً أو صيدلياً يقوم بعمل شباك للحمام أو للمطبخ، إذاً: لكل فن أهله، وجمال البنا ليس من أهل هذا.
والله تعالى يقول: {وَلا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُوْلَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا} [الإسراء:٣٦].
وقال الله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل:٤٣]، فأهل الذكر في الأسواق هم الباعة، وأهل الذكر في الطب هم الأطباء، وأهل الذكر في الهندسة هم المهندسون، وأهل الذكر في العلم الشرعي وتعليم الناس هم العلماء والمشايخ والدعاة، وغير ذلك.
أما قضية تطبيق الشريعة وعدم تطبيقها فهو المحك والفيصل بين الإسلام والكفر.
وهذا كلام جميل جداً من الدكتور إسماعيل شعبان، فإنه يقول: تطبيق الشريعة ليس شعاراً، وإنما هو قضية حاسمة بين الإيمان والكفر، فإما أن تقول: إنك مؤمن وتطالب بتطبيق الشريعة، وإما أن تقول: أنك كافر صراحة، وحينها يكون تطبيق الشريعة شعاراً.
خامساً: أستطيع من خلال قراءتي لما كتبه جمال البنا في الأعداد السابقة، وما صرح به في ندوة مركز ابن خلدون، هذا المركز الذي صنعه اليهود في مصر، أنا أسميه مركز ابن صهيون، فهو يضع البرامج التعليمية للابتدائي والإعدادي والثانوي، وأنت من غفلتك أنك لا تطلع على كتب أبنائ