للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[موقف جمال البنا من الحجاب]

ويسأله السائل: ما رأيكم في الحجاب؟ قال: الإسلام لا يريد الحجاب، وإنما يريد الحشمة، والحجاب ليس من العقيدة ولا من الأصول؛ لأنك حين تقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله، لا تضيف عبارة: وأشهد أن الحجاب حق أو واجب، إذاً: فالحجاب ليس من الدين! والرد عليه: أنه يحصل نفس الشيء لكي أدخل الإسلام أن أقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً رسول الله، ولا أقول: وأشهد أن الصلاة حق وأن الزكاة حق وأن الصيام حق وأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر حق، وغير ذلك من فرائض وواجبات الإسلام.

إذاً: كل هذا ليس مطلوباً، والمطلوب أن تقول: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإذا قالها اليهودي أو البوذي أو الوثني أو النصراني سيصبحون مسلمين، والأصل في القضية أن ربنا يريد أن يعيش الناس في عدل وسلام وحرية وأمان.

أما عن قضية تطبيق الشريعة فقال: إنها من القضايا الشائكة التي اختلفت حولها الآراء بشدة ما بين مؤيد ومعارض، والموقف من ذلك أنني كتبت كتاباً عن تلك القضية، وأوضحت فيه أننا -للأسف- عبدة شعارات، تطبيق الشريعة ومطالبة الأمة بأسرها بتطبيق شريعة الله عز وجل هو عبارة عن شعارات فضفاضة لا قيمة لها.

ثم يقول: ولو كنا صادقين في تطبيق الشريعة لا بد أن تواجهنا عقبات تحملنا على المطالبة مرة ثانية بعدم تطبيق الشريعة، وهذه العقبات هي وجود المذاهب الفقهية، هل سنطبق الشريعة على مذهب أبي حنيفة أم على مذهب أحمد بن حنبل أم الشافعي أم مالك أم الظاهرية أم مذهب الليث أم مذهب إسحاق بن راهويه؟! يعني: لو أخذنا بمذهب أبي حنيفة سنغضب الشافعية وبقية المذاهب، وهكذا لو أخذنا في تطبيق الشريعة بأي مذهب لا بد أننا نغضب ونثير ثورة بقية المذاهب علينا.

ثم يقول: وهناك مذاهب اعتقادية أيضاً، كوجود الشيعة، نحن لو طبقنا الشريعة على مذهب السنة سنفرط في حق إخواننا الرافضة، وغير ذلك من الكلام الكثير.

على أية حال كلامه مذكور في كتبه، وقد نقل وبث على صفحات الجرائد، ولكني أكتفي بذكر هذا، وإن كان الكلام لا ينتهي، ولكني أسأل الله تعالى -وأنتم تسألونه معي- باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطى، وإذا دعي به أجاب أن يخلصنا من أمثال هؤلاء، اللهم خلصنا منهم، اللهم خلصنا منهم على خير، اللهم افضحهم يا رب العالمين، اللهم افضحهم بالليل والنار، اللهم افضحهم في قعر بيوتهم، اللهم افضحهم عند أبنائهم وزوجاتهم، اللهم عليك باليهود والنصارى ومن سار في ركابهم، اللهم عليك باليهود والنصارى ومن سار في ركابهم، ممن يدعي أنه مسلم، اللهم إما أن تردهم إلى دينهم رداً جميلاً أو تأخذهم كما أخذت فرعون وثمود، اللهم خلصنا منهم على خير، اللهم اغفر لنا ذنوبنا، وإسرافنا في أمرنا، وكل ذلك عندنا.

وصلى الله على نبينا محمد.

في حقيقة الأمر العلماء قد رجعوا إلى أبواب العبادات في كتب الفقه فلم يجدوا الصلاة قد احتلت من الكتب إلا بمقدار (١٢%)، أي: أن هناك (٨٨%) لباقي أبواب الفقه، وقال عن التراث الفقهي: إنه من أكبر أسباب تخلف المسلمين ومجتمعاتهم في العصر الحاضر، وشكك في المنهج الفقهي الذي وضعه الأئمة بدءاً من الرسالة للإمام الشافعي، وقال: إن هذا المنهج لم يعد صالحاً للعصر.

هل رأيتم رجلاً كافراً قال مثل هذا الكلام؟! هل رأيتم رئيس دولة كافرة -مثل بريطانيا أو روسيا أو أمريكا- قال هذا الكلام؟ لا يجرؤ أحد أن يقول هذا، بل -والله العظيم- إن الكفر كله مجتمع على أن الدين الإسلامي هو أعظم دين عرفته البشريه، لكن القضية أنهم خائفون من الدين، فيريدون أن يدفنوه ويقبروه حياً.

والدين حي يحتاج إلى رجال يحملونه، ولذلك فإن اليهود لا يعبئون بكل أصحاب المعاصي والاتجاهات والأفكار، ولكنهم يخافون من الأصوليين، الذي هم نحن، مع أن كلمة الأصولية كلمة نصرانية أو يهودية في أصلها، لكن على أية حال هم يعبرون بها عنا، فيقولون: الأصولي الذي هو متمسك بأصله وتراثه، متمسك بالأصلين العظيمين وهما الكتاب والسنة، فهم خائفون؛ لعلمهم ويقينهم أن منهج الكتاب والسنة وأن منهج دين الإسلام هو أعظم دين عرفته البشرية، وهو الدين الحي الذي لو قام أصحابه به خير قيام لسادوا العالم الآن كما سادوه سابقاً، فهم يعلمون هذا، ولذلك لم يقولوا: هذا القرآن كلام فارغ، وهذه السنة كلام فارغ، والتفاسير كلام فارغ، والسنة فيها كذا وكذا وإنما يعملون بالليل والنهار مكراً ليطمسوا معالم الشريعة، وأن يصنعوا أجيالاً تتلو الأجيال سماتها قطع العلاقة بينها وبين دينها، حينئذ يستريح اليهود والنصارى.

ولا يكون هذا، بل الحرب سجال إلى قيام الساعة، قال تعالى: {إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [الأعراف:١٢٨].

يقول جمال البنا: لم يعد هناك شك في أن التقيد بهذا الفقه كان من أكبر أسباب التخلف في المجتمعات الإسلامية؛ لأنه ض

<<  <  ج: ص:  >  >>