الحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
فهذه فتن تجتمع على القلوب فتفسدها، ويكاد الراشد أن يتبلد إحساسه لتفريطه فيتأثر بهذه الفتن، فلو فتحت كتاباً ككتاب (وليمة لأعشاب البحر) الذي أتوا به مؤخراً على صفحات الجرائد، لو ظهر في زمن الصحابة أو زمن التابعين فقرأه الصحابة والتابعون ماذا كان سيصيبهم؟ أنا أتوقع أنهم لو قرءوه لخروا جميعاً موتى؛ لأن الكتاب يحارب الإسلام والمسلمين، فإن هذا الكتاب فيه من العبارات أن القرآن (خرف) هكذا باللفظ، والحقيقة أن الخرف على أم رأس كاتبه، وناشره ومشجعه، ومن رضي به ومن طبعه في بلده.
والعجيب أن حيدر حيدر لعنه الله -كاتب الكتاب- يقول: العجب أنني فوجئت بأن وزارة الثقافة المصرية طبعت هذا الكتاب دون علمي، وعلى أية حال شكر الله سعيهم، فإن هذا الكتاب وغيره من الكتب ممنوع من جميع الدول العربية بأسرها؛ لأن كتبي جميعاً تدور على محاور ثلاثة: على السياسة، والجنس، وهتك المقدسات الدينية كلها.
إن هذا الكاتب يعتز بأنه من أكفر الخلق ويعترف بأنه كافر، فكيف لا نكفره نحن، وإن كفّرناه كنا نحن الإرهابيين والمتخلفين، وكنا نحن الشباب المتهور الذي لم يتعلم ولم يتلق علمه عن طنطاوي الذي يعمل في الإسلام ما لا تعمله أمريكا ولا يعمله الغرب والشرق، أو لم يتلق علمه على يد أحمد عمر هاشم الأستاذ الدكتور في علم حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي قرأ هذه الأحاديث التي سمعتموها الآن قبل أكثر من خمسين عاماً، ولكنه الثمن المدفوع مقدماً الذي يؤهله إلى نار جهنم إن مات على ذلك ولم يتب، وهم يعدون الذي لا يتلقى العلم في الأزهر إنساناً جاهلاً.
نعم الأزهر خرّج فطاحل وعلماء، لكن جُل من تخرج في الأزهر لا يعرفون شيئاً، خاصة خريجو هذه الأيام الذين يريدون أن يكونوا في جميع المساجد، كي يقطعوا الحبل بينكم وبين دعاتكم؛ وذلك لأن الدعاة يقولون ذلك، فالحداد والنجار والسمكري والمحامي والدكتور والمهندس أناس ما عرفوا طرق العلم الشرعي، وهذا العلم تخصص والتخصص هو في الأزهر، فاذهبوا إلى محاضرة أزهرية الآن وهذه دعوة مني، اذهب إلى الأزهر، وإن كنت أيضاً مدخناً أتحداك أن تصبر على أن تبقى محاضرة كاملة؛ لكثرة ما فيه من دخان وغيره، سواء من الأستاذ أو الطلاب، الكل يدخنون، مع احترامي الشديد جداً لكل من حمل راية التوحيد ورفع راية السنة، وهذا قطع للصلة بين الأمة وبين ربها، وأنتم لا تعلمون هذه الصلة إلا من خلال دعاتكم المخلصين الذين يدعون إلى الله عز وجل بالليل والنهار، أما هؤلاء فإنهم موظفون إن لم يكونوا تجاراً، تاجروا بدينهم وآثروا أن يعيشوا حياة كريمة بزعمهم حتى ولو كان الثمن قذفاً في نار جهنم.
هذا الذي يدار الآن لابد وأن يكون وراءه فعل عظيم جلل وخطير، ونحن لسنا بأغبياء إلى هذا الحد، فإن انشغل العالم الآن بكتاب يتعرض للذات الإلهية ويقول:(إن الرسول صلى الله عليه وسلم صاحب نسوان).
هكذا يقول، وغير ذلك من الكفر البواح، هذا الكتاب بلغ (٦٥٠) ورقة، ونشر ما في الكتاب من كفر على يد جريدة الأسبوع العلمانية الملحدة، وهذا مخطط لشغل الأمة، ثم نفاجأ بأننا شغلنا بكتاب فيه مخطط ضياع الأمة.
إن هذه الدولة الأزهرية بدأت تنظم حفلات ترفيهية، ورحلات علمية لجميع المدارس: ابتدائي، إعدادي، ثانوي، جامعات، لماذا؟ هل هذه الرحلات إلى بلاد الحرمين الشريفين؛ لقضاء العمرة وتأدية المناسك، أو لمبحث علمي وللتعارف على آثار الأمة القائمة؟ لا، إنما يساقون إلى فلسطين المنكوبة المسلوبة، ويقولون: رحلة ترفيهية إلى دولة إسرائيل، وذلك للقضاء على البقية الباقية، وإن شئت فقل: لإفساد فطر الأطفال، وأننا واليهود والنصارى شيء واحد، وأننا جميعاً بشر، والنصارى كذلك بشر، وأن هؤلاء أصحاب ديانة كما أننا أصحاب ديانة، وكل واحد له نبي يصلي عليه وهكذا، حتى تنشأ الأجيال القادمة وعندها من الميوعة ما ليس عند آبائها، ولا عند أجدادها، وحتى يكون اليهود والنصارى والمسلمون شيئاً واحداً، وتكون الأديان كلها ديناً واحداً، وخليط مخلوطاً ببناء مجمّع الأديان في ديننا، في بلد الأزهر وفي بلد العلم.