للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أدلة مصنف عمر أمة الإسلام على قرب الساعة وتحديد وقوعها]

وأما المثالب فإنه لما أراد المصنف الاستدلال على قرب الساعة اعتمد في ذلك على حديثين أخرجهما البخاري في صحيحه: الحديث الأول: حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إنما بقاؤكم فيما سلف قبلكم من الأمم كما بين صلاة العصر إلى غروب الشمس، أوتي أهل التوراة التوراة فعملوا حتى إذا انتصف النهار عجزوا).

والعجز هنا بمعنى الترك والإباء والعناد وعدم الإيمان، (فأعطوا قيراطاً قيراطاً، ثم أوتي أهل الإنجيل الإنجيل فعملوا إلى صلاة العصر، ثم عجزوا -أي: ثم كفروا- فأعطوا قيراطاً قيراطاً، ثم أوتينا القرآن فعملنا إلى غروب الشمس فأعطينا قيراطين قيراطين، فقال أهل الكتاب)، والراجح أنهم اليهود؛ لأنه في رواية البخاري في كتاب التوحيد قال: (فقال أهل التوراة)، (فقال أهل الكتاب: أي ربنا! أعطيت هؤلاء قيراطين قيراطين، وأعطيتنا قيراطاً قيراطاً، ونحن كنا أكثر عملاً؟ قال: قال الله عز وجل: هل ظلمتكم من أجركم من شيء؟ قالوا: لا، قال: فهو فضلي أوتيه من أشاء).

والحديث الثاني: حديث أبي موسى الأشعري عبد الله بن قيس رضي الله عنه، قال: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (مثل المسلمين واليهود والنصارى كمثل رجل استأجر قوماً يعملون له عملاً إلى الليل -يعني: من أول النهار إلى الليل- فعلموا إلى نصف النهار)، وهذا تبينه الرواية الأولى: (فعجزوا)، أي: لما بلغوا إلى منتصف النهار عجزوا وامتنعوا عن العمل: (فقالوا: لا حاجة لنا إلى أجرك -أي: ننصرف ولا نريد أجراً- ولكن دعنا ننصرف، فاستأجر آخرين، فقال: أكملوا بقية يومكم ولكم الذي شرطت، فعملوا حتى إذا كان حين صلاة العصر قالوا: لك ما عملنا -أي: عجزوا، وامتنعوا عن العمل، وقالوا للذي استأجرهم: لك ما عملنا- ولا نريد أجراً، ولكن دعنا ننصرف، فاستأجر قوماً فعملوا بقية يومهم -أي: على الشرط الذي شرط عليهم- حتى غابت الشمس واستكملوا أجر الفريقين)، أي: وأخذوا أجر الفريقين الذين شرط المؤجر لهم من أول الأمر.

<<  <  ج: ص:  >  >>