للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أتباع المهدي هم أمة الإجابة]

السؤال

إذا ظهر المهدي بعد انتشار الشر فهل يطلب من أمة الدعوة أو من أمة الإجابة اتباعه؟

الجواب

يطلب ذلك من أمة الإجابة الذين أرسل فيهم محمد صلى الله عليه وسلم، وهي ممتدة إلى قيام الساعة، ولابد أن تعتقد أن أمة الإجابة ممتدة إلى قيام الساعة، فقوله عليه الصلاة والسلام في حديث أبي موسى الأشعري: (مثلي ومثلكم) الخطاب هنا متعلق بالمتبعين الذين اتبعوه، فهم لن ينقطعوا قبل المهدي، وهذا يدل على أن أمة الإجابة باقية إلى قيام الساعة، فإذا كنت تتكلم عن قيام الساعة وعن عمر أمة الإسلام فيلزمك أن تقول: إنه في اللحظة التي يتم فيها فناء أمة الإسلام لابد وأن تقوم فيها الساعة، فالذي يتكلم عن عمر أمة الإسلام هو من طرف خفي يتكلم عن وقت الساعة.

والذين يقاتلون مع المهدي يستمر بقاؤهم إلى ظهور العلامات الكبرى بناء على ما دلت عليه النصوص وقد تقدم بعضها.

وهنا نسأل المصنف: هل قصدت بعمر الأمة بداية العلامات أم وسطها أم آخرها؟ وسنجد أن جوابه مضطرب غاية الاضطراب في الكتاب.

وهذا الرد كاف على سبيل الإجمال على ما في الكتاب، وأهم شيء أريد أن أؤكد عليه أن الكلام عن الساعة وأشراطها كذلك إنما هو ضرب من ضروب الغيب، لا يجوز لأحد أن يخوض فيه، وكما قال ابن كثير في الفتن والملاحم وابن حجر وغيرهما من أهل العلم كـ الصنعاني: إن عمر الدنيا لا يعلمه إلا الله عز وجل، كما أنه لا يعلم أحد ما مضى من عمر الدنيا وما بقي من عمرها، وإنه لم يصح دليل على حساب عمر الدنيا من آدم عليه السلام وإلى قيام الساعة، وأما الذي اعتمد على هذه النصوص التي لم يصح منها شيء ولم يثبت منها شيء، وبناء عليها أنزل العد الحسابي على حديث ابن عمر وعلى حديث أبي موسى الأشعري، فهذا في غير محله، وترجيح بغير مرجح، ودلالة بغير دليل، ولذلك وجب التوبة منه والبراءة منه كل البراءة.

ولا يهمني بعد هذا الجهد أن يعتقد إنسان ما في الكتاب من كلام أو لا يعتقد، ولا أقول إلا كما قال النبي عليه السلام: (اللهم هل بلغت، اللهم فاشهد).

وأقول إجمالاً: إن الكاتب أعرض عن جميع الاحتمالات التي هي محل احترام من عند أهل العلم، ورجح بغير مرجح احتمالاً ساقطاً هابطاً ليس مرضياً ولا مستحباً عند أهل العلم، بل قد قاموا عليه كلهم قومة رجل واحد بالنقد والثلب وبيان عواره وفساده، والإمام الطبري هو أول من ذهب إلى ذلك أخذاً من كتب أهل الكتاب، وهو جبل من جبال العلم في ذلك الزمان قبل مرور الألف، ولكن كل الناس يؤخذ من قوله ويرد إلا هو عليه الصلاة والسلام.

والإمام الطبري والسهيلي والسيوطي الذين أخطئوا في هذه المسألة هم أئمة عظام أجلاء، وقد بان خطؤهم وفساد منهجهم في العد الحسابي، فقد أنزلوا هذه الأدلة على غير منازلها وفي غير وجهها، والأئمة جميعاً إنما أوردوها في أبواب المواقيت وأبواب الإجارة، وهذا يدل على أن هذه الأحاديث لا علاقة لها البتة بعمر الدنيا، ولذلك نقول: لا يجوز لأحد في هذا الزمان ولا الذي بعده أن يحتج بهذه الأحاديث في أبواب الفتن؛ لأنه إن احتج بها في ذلك فقد احتج بها في غير بابها، وأرجو أن تخمد هذه الفتنة -على الأقل- في منطقتنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>