[أسباب الشفاعة]
أسباب الشفاعة منها القرآن الكريم كما ورد في الحديث: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (القرآن والصيام يشفعان للعبد، فيقول الصيام: يا رب! أظمأت نهاره فشفعني فيه، ويقول القرآن: يا رب! أسهرت ليله فشفعني فيه)، وقال عليه الصلاة والسلام: (اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعاً لأصحابه).
وكذلك سكنى المدينة ممن لهم شفاعة خاصة، ولذلك قال النبي عليه الصلاة والسلام: (فإني أشفع لأهل البقيع)، وفي رواية: جاء أبو سعيد مولى المهري إلى أبي سعيد الخدري ليالي الحرة، فاستشاره في الجلاء من المدينة وشكا إليه أسعارها وكثرة عياله، وأخبره أنه لا صبر له على بلاء المدينة وجهدها، فقال له: ويحك! لا آمرك بالجلاء عنها -أي: لا آمرك أن تذهب وتترك المدينة- إني سمعت النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (لا يصبر أحد على لأوائها -أي: شدتها- فيموت إلا كنت له شفيعاً أو شهيداً يوم القيامة إذا كان مسلماً).
وفي رواية: أن النبي عليه الصلاة والسلام يقول: (والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون).
ويكفي أن المدينة لا يدخلها الدجال، فهي معصومة مأمونة من هذه الفتنة التي هي أعظم فتنة بين يدي الساعة.
والصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام كذلك تستجلب شفاعته عليه الصلاة والسلام، ففي حديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند مسلم: أن النبي عليه الصلاة والسلام قال: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول، ثم صلوا علي، فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً، ثم سلوا الله لي الوسيلة، فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة).
وصلاة المصلين على الميت له شفاعة، أخرج مسلم من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال النبي عليه الصلاة والسلام: (ما من ميت تصلي عليه أمة من المسلمين يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه) ما من ميت يموت فتصلي عليه أمة يبلغون مائة شخص إلا شفعوا فيه.
ومن حديث عبد الله بن عباس: (أنه مات ابن له بعسفان فقال لمولاه كريب: يا كريب! انظر ما اجتمع له من الناس -يعني: انظر كم عدد الذين اجتمعوا- قال: فخرجت، فإذا ناس قد اجتمعوا له فأخبرته، فقال: تقول يا كريب! إنهم أربعون؟ فخرجت فعددتهم، فقلت: نعم.
قال: أخرجوا الميت؛ فإني سمعت النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ما من رجل مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلاً لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه).
ولكن انظروا إلى الشرط: (لا يشركون بالله شيئاً إلا شفعهم الله فيه)، أنت الآن لو نظرت إلى كثير ممن يصلي على الأموات وتحققت هذا الشرط لوجدت أنهم يشركون بالله شيئاً، ولرجع إليك الطرف خاسئاً حاسراً، ثلاثة أرباع -إن لم يكن أزيد- يشركون بالله في الدعاء والاستغاثة والنذر والذبح والطواف وغير ذلك.
وكان النبي عليه الصلاة والسلام يقول لخادمه: (ألك حاجة؟ قال: حتى كان ذات يوم، فقال لخادمه: ألك حاجة؟ فقال: نعم.
قال: ما هي؟ قلت: يا رسول الله! حاجتي أن تشفع لي يوم القيامة.
قال: فأعني على نفسك بكثرة السجود)، إذاً: طول الصلاة وتحسينها وإخلاص العمل فيها لله عز وجل يجلب شفاعة النبي عليه الصلاة والسلام يوم القيامة.