أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خمس من الفطرة: الاستحداد) أي: حلق العانة، وهو استخدام الحديدة والموسى في حلق العانة (والختان، وقص الشارب، ونتف الإبط، وتقليم الأظفار).
إذاً: هذه الخمس من سنن الفطرة، ولذلك قال الخطابي كما نقل عنه أكثر العلماء: إن المقصود بالفطرة: السنة أو الدين.
فهذه الخصال الخمس من السنة ومن الدين، ولذلك قال بعض أهل العلم: بل هي الخلق والجبلّة والإبداع والاختراع، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام:(كل مولود يولد على الفطرة) أي: على فطرة الإسلام وعلى جبلّة الإسلام (فأبواه يهودانه أو ينصرانه، أو يمجسانه) فأصل خلقته على الإسلام؛ ولذلك أهل العلم يقولون: إذا تزوج المسلم من كافرة فأبناؤه مسلمون.
وإذا تزوجت المسلمة من نصراني كان الأبناء نصرانيين، وهذا لا يجوز، لقول الله تعالى:{وَلَنْ يَجْعَلَ اللَّهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا}[النساء:١٤١] فلا يجوز أبداً زواج المسلمة من كافر.
فلو أن رجلاً كافراً تزوج بامرأة كافرة فأسلم هل يصير الولد له أم لها؟ له، ولكن إذا أسلمت المرأة فيخيّر الأولاد عند البلوغ بين الإسلام والكفر.
فهنا قال البيضاوي: الفطرة المذكورة في الحديث: هي السنة القديمة.
السنة التي اختارها الأنبياء واتفقت عليها الشرائع، فكأنها أمر جبلّي فُطروا عليها، أي: خُلقوا عليها.
وقال الحافظ ابن حجر: المراد بالفطرة في حديث الباب: أن هذه الأشياء الخمس إذا فُعلت اتصف فاعلها بالفطرة التي فطر الله العباد عليها وحثهم عليها واستحبها لهم ليكونوا على أكمل الصفات وأشرفها صورة، والتي من بينها الختان.
وقال الخطابي: هذه الخصال كلها من السنن إلا الختان، فقد اختلف أهل العلم في وجوبه من عدمه، أي: كلها سنن إلا الختان فقد اختلفوا فيه بين الوجوب والندب والاستحباب.
هذا هو الدليل الأول وكما ذكرنا أنه في الصحيحين، نرد به على من يقول: ليس في الصحيحين دليل يُفهم منه مشروعية الختان.