للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الرسول صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة والتابعين تدور حول تأخير ظلاماتهم إلى يوم القيامة لايمانهم بأن عذاب الله أشد وأبقى، وإيثار المظلومين منهم ألا يقتصوا

لأنفسهم في الدنيا مع تمكنهم من ذلك تأخيرا لظلاماتهم لتعرض أمام الله تعالى، بالرغم من ذلك فإن قراءتها تشيع في نفس القارئ أن صاحبها كان يتعرض وقتها لمظالم يصبر عليها، ويعزي نفسه بالتأسي بالسلف الصالح، وهي تبين لنا جانبا هاما من خلق السيوطي في سنواته الأخيرة، وتلقي الضوء على معالم شخصيته «١».

ومن الحوادث التي تدل على ما قدمنا حادثة الطيلسان التي امتنع بعدها عن الذهاب إلى السلطان مع العلماء، وقد تمسك بموقفه برغم محاولة بعض الوسطاء الملاينة بينه وبين السلطان فكان رده: «إني متمسك بقوله صلى الله عليه وسلم: لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يأتي أمر الله لا يضرهم من خذلهم» «٢».

وإحساسه بالمسئولية الملقاة عليه تجاه الناس يتمثل في قوله: «ما أجبت قط عن مسألة جوابا، إلا وأعددت جوابها بين يدي الله تعالى إن سئلت عنها» «٣».

وقد سبق أن أشرنا إلى موقفه الشجاع الذي وقفه تجاه خصمه العنيد طومان باي الذي حاول الكيد له، ثم حاول قتله، كما قدمنا ما قاله من أن له أسوة حسنة بمن تعرض للأذى من كبار علماء السلف الصالح.

وإتماما للحديث عن خلقه وشخصيته فإننا نعرض لما يتصل بهذا الموضوع بأوشج الصلات بل لما هو جزء منه وهو الحديث عن تدينه.

وقد قلت ان شخصية السيوطي شخصية العالم المسلم الذي يستشعر المسئولية نحو المجتمع والذي يراعي في خلقه وسلوكه السير على هدى من السنة التي أفنى حياته في جمعها ودرسها وتعليمها.

أما عن ورعه وتقواه فهناك روايات كثيرة تصل بالرجل إلى مصاف كبار


(١) تأخير الظلامة إلى يوم القيامة، مخطوط بدار الكتب المصرية برقم ٢٢٧٢٩ ب.
(٢) الشعراني: ذيل الطبقات الكبرى ورقة ٢٠ ص ٤٠.
(٣) المصدر السابق ورقة ١٢ ص ٢٤.

<<  <   >  >>