للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتتكرر هذه الاضطرابات التي يقصد بها المماليك النهب والسلب لا سيما طائفة المماليك الجلبان «١». والحقيقة أن كثرة هذه الاضطرابات تدل على فساد هذه المؤسسة العسكرية الحاكمة، وقد نشأ هذا الفساد لا سيما في طائفة الجلبان بسبب اجتلابهم كبارا في السنّ، وعدم أخذهم في التربية الإسلامية مأخذ الجد وقلة تعودهم على الانضباط والطاعة والخلق القويم، ولذلك كثر شغبهم وفسادهم، وكان ذلك مؤذنا أو مرهصا بنهاية دولة المماليك بأسرها.

وقد تعود المماليك الثورة بسبب طلب نفقة البيعة وهي تعني بيعتهم للسلطان الجديد، ويكاد الحديث عن هذه الثورة يكون أمرا معاد مألوفا عند بداية عهد كل سلطان، فضلا عن الثورة بسبب تعجل نفقة متأخرة أو نفقة بسبب الخروج إلى القتال أو العودة بعد الانتصار «٢».

ولقد كانت هذه النفقات تكلف الدولة كثيرا من الأموال فكان السلاطين يصادرون بسببها كثيرا من أموال الأغنياء والأمراء، وهكذا فلقد ظهرت هذه الطبقة في هذه الفترة- فضلا عما تمتعت به من حظ لم يتح لغيرها- بمظهر الفئة الباغية المفسدة في كثير من الأحيان.

[أرباب القلم:]

وإلى جانب طبقة المماليك- وهم حكام البلاد- وجدت جماعة المعممين أو أرباب القلم، وهذه الطائفة كانت تضم أرباب الوظائف الديوانية والفقهاء والعلماء والأدباء والكتاب، وقد امتازت هذه الفئة طيلة عصر المماليك بمميزات معينة على الرغم مما تعرض له بعض أفرادها من الامتهان أو الاضطهاد في بعض الأحيان «٣».

وقد أظهر سلاطين المماليك احترامهم وتبجيلهم لرجال الدين وللمتصوفين،


(١) هنا أمثلة عديدة لحوادث النهب والسلب والفساد التي أحدثها المماليك ويمكن مراجعة أمثلة لها في بدائع الزهور ج ٢ ص ٣١٨، ج ٢ ص ٢٣٠، ج ٢ ص ٣٩، ج ٢ ص ٢٤٠، ٢٤١، ج ٢ ص ٢٤٧.
(٢) المصدر السابق ج ٢ ص ٢٧٨، ٢٧٩، ج ٢ ص ٢٥٧، ٢٥٨.
(٣) ابن إياس: بدائع الزهور ج ٢ ص ٢٥٦.

<<  <   >  >>