للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الغوري يقدره ويعرف مكانته، ولكنه اعتذر عن ذلك بأنه يرى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة، ويخشى على نفسه أن يجتمع بالغوري فيحتجب النبي صلى الله عليه وسلم عنه «١»، ونحن لا نستبعد صدور مثل هذا القول عن السيوطي، فليست القصة من قبيل المنقبيات التي رواها له الشعراني، فقد ألف السيوطي رسالة في «إمكان رؤية النبي والملك» سماها بتنوير الحلك «٢»، وقد حشد فيها كثيرا من الأحاديث والآثار عن الصحابة والتابعين والأولياء التي يستدل بها على إمكان ذلك، كما أورد أسماء كثيرين ممن وقعت لهم هذه المكاشفات، وبالرغم من أنه لم يصرح في رسالته بحدوث الرؤية له، فإن ما ذكره ودافع عنه يشهد لصحة ما نذهب إليه من صدق نقل الرواية السابقة عنه.

ولست هنا بصدد مناقشة صحة الموضوع فذلك لا يفيدنا في شيء، وإنما يهمنا ما يوحي به من دلالات وما يفسره لنا من الاتجاه الذي سار فيه الرجل في المرحلة الأخيرة من حياته وهو اتجاه التصوف العملي.

[وفاته:]

لبث السيوطي في المرحلة الأخيرة من حياته على حاله التي قدمنا تفصيلها حتى وافاه أجله سحر ليلة الجمعة تاسع عشر جمادى الأولى عام ٩١١ هـ الموافق (١٨ أكتوبر عام ١٥٠٥ م) وكان مرضه سبعة أيام بورم شديد في ذراعه اليسرى يقال إنه خلط أو انحدار، وقد استكمل من العمر إحدى وستين سنة وعشرة أشهر وثمانية عشر يوما، وكان له مشهد عظيم، ودفن بحوش قوصون خارج باب القرافة من جهة الشرق، وقبره ظاهر وعليه قبة «٣».

وقد ذكر ابن اياس هذا التاريخ نفسه بيد أنه جعل وفاته يوم الخميس، كما أخطأ في حساب عمره حيث جعله اثنين وستين عاما وأشهرا «٤». والصحيح ما


(١) ذيل الطبقات الكبرى ورقة ١٤ ص ٢٨.
(٢) الرسالة بكتاب الحاوي للفتاوي ج ٢ ص ٤٣٧ - ٤٦٠.
(٣) ذيل الطبقات الكبرى ورقة ٢٣ ص ٤٥، شذرات الذهب ج ٨ ص ٥٥.
(٤) ابن إياس ج ٤ ص ٨٣.

<<  <   >  >>