للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مراحل حياته]

سبق لنا بيان المرحلة الأولى من حياة السيوطي التي ابتدأت بمولده وما تبعه من دراسته وتلقيه عن الشيوخ حتى أجيز بتدريس العربية ومن ثم فقد أصبح مشاركا في الحياة بصورة أخرى، ومنذ ذلك التاريخ تبدأ مرحلة متميزة من مراحل حياته دأب فيها على التلقي والدراسة مع مشاركة في الحياة العامّة.

وقد أجيز بتدريس العربية منذ وقت مبكر (عام ٨٦٦ هـ) إذ لم يكن قد أتم السابعة عشرة، وقد ابتدأ التأليف منذ ذلك الوقت، ولهذا دلالته على قدرته الفائقة ونبوغه المبكر. وقد أسهم الرجل منذ ذلك الحين في الحياة العملية وتصدي للنفع العام بعد قليل فقصد مسجد ابن طولون وأملى به الحديث من مستهل عام ٨٧٢ هـ «١»، فكان يملي به الحديث يوم الجمعة بعد الصلاة اتباعا للخطيب البغدادي وابن السمعاني وابن عساكر، وخلافا للعراقي وولده وابن حجر فإنهم كانوا يملون يوم الثلاثاء «٢»، ويحاول السخاوي الغض من قيمة عمل السيوطي فيتهمه بأنه كان يدرس لجمع من العوام أملى عليهم الحديث وأنه توسل بذلك إلى الوصول إلى منصب التدريس بالشيخونية «٣».

وقد حصل السيوطي على إجازة بالتدريس والافتاء من شيخه البلقيني عام ٨٧٦ هـ، تصدر على أثرها للتدريس والافتاء، وحضر شيخه تصديره «٤»، وكانت سنه آنذاك تقترب من السابعة والعشرين، وهي سن صغيرة لمن يتصدى لمثل ذلك، وقد ساعده شيخه البلقيني في تولي وظيفة تصدير الفقه بالجامع


(١) حسن المحاضرة ج ١ ص ١٩٠.
(٢) الشعراني: ذيل الطبقات الكبرى (مخطوط) ورقة ٤ ص ٨.
(٣) السخاوي: الضوء اللامع ج ٤ ص ٦٦، ٦٧.
(٤) حسن المحاضرة ج ١ ص ١٨٩.

<<  <   >  >>