للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

اللفظية الحظ الأوفر من الكاتب، وتصل هذه العناية إلى حد التكلف مع الاسراف في استعمال المحسنات اللفظية على اختلاف ضروبها وهو ما نسميه بمدرسة البديع، والقسم الآخر ما لا يحفل الكاتب بالعناية اللفظية فيه بل يرسل قوله على عواهنه ولكن عيب هذا القسم الأخير كان يأتيه من انحدار الأسلوب وكثرة اللحن واستعمال العامية وهذا القسم يسمى بمدرسة المعاني.

والأنواع الأدبية النثرية التي أنتجها العصر كثيرة ومتنوعة نكتفي منها بالحديث عن الخطبة والرسالة والمقامة لكونها أشهر الأنواع ولاحتفال الكتاب بها أكثر من غيرها، فهناك إلى جانبها الموازنات والتوقيعات والحكم والوصايا.

[الخطبة:]

كانت الطبقة الحاكمة بالبلاد كما رأينا من الأتراك الذين ديفت بالعجمة ألسنتهم وبالرغم من تعلم كثيرين منهم العربية لكونها لغة الدين والعلوم فإنهم- في الغالب- افتقروا إلى الفصاحة فيها- وبذلك فقد تغير الحال في الخطابة عما كان عليه زمن الخلافة العربية في عهد الأمويين والعباسيين، يضاف إلى ذلك ما أصاب اللغة من دخول كثير من الألفاظ التركية بها وانحدار كثير من أساليب الكتاب نحو العامية.

وإذا كان العصر قد خلا من الخطب الرسمية التي كان يلقيها الحكام باستثناء بعض خطب خلفاء العباسيين في مصر فإنه لم يعدم وجود أنواع معينة من الخطب التي خلت في الغالب من أهم عناصر الخطبة وهو الارتجال، فكانت الخطب تعد إعدادا كالرسائل، وقل أن نجد الارتجال في غير المناظرات التي كانت تعقد بين العلماء حيث يضم جماعة منهم أحد المجالس.

لهذا نلحظ على الخطب سمات الرسائل «١» حيث سلك الخطباء مسلك الكتاب فاتبعوا الأسلوب البديعي المسجوع وأكثروا من الاقتباس من آيات القرآن الكريم ومن أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ومن أقوال السلف الصالح.

وأهم الخطب التي نزعت هذا المنزع الخطب المنبرية التي كانت تعدّ من قبل


(١) عبد الوهاب حمود: صفحات من تاريخ مصر ص ١٠٥، ١٠٦.

<<  <   >  >>