للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مما يدل على مقدرته اللغوية وتشربه بروح اللغوي، ونلاحظ أن هذه النظرات اللغوية لم يسقها السيوطي بمنهجه النقلي المعتاد وإنما بسط القول بعض البسط وتحلل من الأسانيد واضطلع بالقول والعرض وبيان ما يريده.

[١٦ - المزهر في علوم اللغة وأنواعها:]

«طبع الكتاب عدة طبعات أدقها الطبعة التي حققها محمد أحمد جاد المولى وزميلاه وهي في جزءين وقد اعتمدنا عليها».

يعد أجلّ مؤلفات السيوطي في فقه اللغة ويعد أجمع المؤلفات العربية وأوفاها وأشملها في تحديد معالم الدرس اللغوي. وقد عرضت آنفا لتدرج أبحاث فقه اللغة عند العرب، وذكرت أهم آثارهم، وقد رأينا اهتمام كبير منها بناحية من النواحي واقتصارها عليها، كما أن الكتب التي وضعت في خصائص العربية أو في فقه اللغة لم تتعرض في الحقيقة إلا لبعض جوانب فقه اللغة، ولم يكن من هدفها شمول جميع الجوانب، فالكتب السابقة عليه كما بينا إما معجمات عامة تهدف إلى جميع مواد اللغة، أو معاجم خاصة تقتصر على ألفاظ موضوعات معينة كالشجر والابل والمطر ... إلى آخره، أو معاجم خاصة مطولة للمعاني كالمخصص لابن سيدة، أو دراسات تهتم ببعض مسائل فقه اللغة كالخصائص لابن جني والصاحبي لابن فارس، أو دراسات تهتم باللغة وألفاظها ومعانيها وبكثير من القضايا اللغوية العامة خارج البيئة اللغوية كدراسات الأصوليين وأبحاثهم.

ولم يكن هناك قبل السيوطي من جمع هذه الألوان المتنوعة في مؤلف واحد، ولم يكن قبل المزهر كتاب للسيوطي أو لغيره يمكن أن يمثل بحق دراسة العرب لفقه اللغة، أو بعبارة أخرى «يمكن أن يكون ألصق المؤلفات بفقه اللغة كعلم قائم بنفسه» «١».

والسيوطي على حق في قوله: «وقد كان كثير ممن تقدم يلمّ بأشياء من ذلك، ويغنني في بيانها بتمهيد المسالك، غير أن هذا المجموع لم يسبقني إليه سابق، ولا


(١) د. صبحي الصالح: دراسات في فقه اللغة ص ١٠.

<<  <   >  >>