للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بذلك بل هاجموا السفن المصرية في البحر، وانتصر المماليك في أول الأمر بأسطولهم ولم يلبث البرتغاليون أن ثأروا لأنفسهم في موقعة ديو البحرية وهكذا ضاعت مكانة مصر في الوساطة التجارية بين الشرق والغرب «١»، ولم يكن هذا الخطر بأكبر من خطر بني عثمان الذين قويت دولتهم وعلا شأنهم منذ استولوا على القسطنطينية، وقد حدثت منازعات بينهم وبين السلطان قايتباي، ولم تكن هذه الأحداث ذات نتيجة حاسمة حتى كانت أيام السلطان سليم العثماني الذي كان معاصرا للغوري وانتهى النزاع بينهما إلى انتصار الأتراك في «مرج دابق» سنة ٩٢٢ هـ، ثم دخولهم مصر في سنة ٩٢٣ هـ، وذلك بعد وفاة السيوطي التي كانت سنة ٩١١ هـ، ومنذ ذلك الحين فقدت البلاد استقلالها وأضحت تابعة للدولة العثمانية وانتهت بذلك سلسلة السلاطين الشراكسة.

[الخلافة:]

وإذا ما استعرضنا خلفاء الحقبة الأخيرة من هذا العصر والتي شهدها السيوطي فإن أولهم هو المستكفي بالله أبو الربيع سليمان بن المتوكل المتوفي سنة ٨٥٥ هـ على ما يذكر ابن اياس في الثاني من المحرم «٢»، أو في أواخر عام ٨٥٤ هـ على ما يذكر السيوطي «٣»، ولعل السيوطي قد أدرك هذا الخليفة في طفولته حيث كان أبوه مقربا منه، وهو الذي كتب له نسخة عهد الخلافة الذي عهد له به أخوه داود «٤»، وقد ذكر السيوطي عنه أنه كان من صلحاء الخلفاء، كما أشار إلى العلاقة التي كانت بين أبيه كمال الدين وبين هذا الخليفة حيث كان «إماما له وكان عنده بمكان رفيع خصيصا به محترما عنده جدا، وأما نحن فلم ننشأ إلا في بيته وفضله، وآله خير آل دينا وعبادة وخيرا .... ولم يعش والدي بعده إلا أربعين يوما ومشى السلطان في جنازته إلى تربته وحمل نعشه بنفسه» «٥»،


(١) د. سعيد عاشور: العصر المماليكي ص ١٧٨ - ١٨٨.
(٢) ابن إياس: بدائع الزهور ج ٢ ص ٣٣.
(٣) السيوطي: تاريخ الخلفاء ص ٣٤١.
(٤) المصدر السابق ص ٣٤٠، ٣٤١.
(٥) نفس المصدر ص ٣٤١، انظر حسن المحاضرة ج ٢ ص ٨٤، ٨٥.

<<  <   >  >>