للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أمراء الشام على خلع السلطان وبويع له هناك بالسلطنة ولم يلبث أن جاء بعسكره إلى مصر واستطاع الاستيلاء على مقاليد الأمور «١».

ولم تطل أيام طومان باي في السلطنة إذ مكث ثلاثة أشهر «وكانت مدة سلطنته كلها شرور وفتن مع قصرها وآخر الأمر هرب واختفى واستمر مختفيا حتى ظهر وقبض عليه وقطعت رأسه» «٢»، وقد ثار عليه أمراء المماليك لما رأوا نيته السيئة حيالهم، وآل الأمر إلى أن تولى قانصوه الغوري السلطنة بعد تمنع وإباء خوفا على نفسه أن يحدث له ما حدث لأسلافه «٣»، وذلك في مستهل شوال سنة ٩٠٦ هـ.

وجميع هؤلاء فيما عدا الغوري قد تولوا فترات قصيرة كما بينا مما يصور حالة الفوضى التي عمت الدولة في هذه الحقبة، ويفيض ابن اياس مؤرخ هذه الفترة في شتى المواضع في وصف الفتن والمؤامرات التي كانت لا تلبث تتحرك بين حين وآخر والحروب التي اشتعلت نيرانها أكثر من مرة بين الأمراء الطامعين في السلطنة.

وقد عمل الغوري على إعادة الاستقرار إلى البلاد، ووطّد أركان ملكه وما زال يحتال بمنافسيه حتى أفناهم «٤»، وقد حاول أن يملأ خزانة الدولة التي كانت فارغة واتبع في ذلك صنوف المظالم وانتهب أموال الناس وانقطعت بسببه المواريث، فضج أهل مصر ومن تحت طاعته من أخذه لأموالهم «٥».

ولم تحدث قلاقل داخلية في الفترة الأولى من حكم الغوري باستثناء بعض ثورات المماليك الجلبان، ولكن الخطر الحقيقي الذي هدد الدولة كان آتيا من ناحية البحر حيث اكتشف البرتغاليون طريق رأس الرجاء الصالح. وتحول مرور التجارة عن مصر وفقدت الدولة بذلك أعظم مورد لها، ولم يكتف البرتغاليون


(١) نفس المصدر ج ٢ ص ٣٨٣، ٣٨٤.
(٢) ابن إياس: بدائع الزهور ج ٢ ص ٣٩٥ - ٣٩٦.
(٣) المصدر السابق ج ٤ ص ٢ - ٤.
(٤) الشوكاني: البدر الطالع ج ٢ ص ٥٤.
(٥) المصدر السابق ص ٥٥.

<<  <   >  >>