وكانت وظيفة التدريس بالمشهور من هذه المدارس جليلة القدر يخلع السلطان على صاحبها في كثير من الأحيان، أي أن تعيين المدرس لا يتم إلا بموافقة السلطان نفسه وعلمه.
ولم تكن في دور التعليم نظم محددة ومناهج موضوعة يلتزم بها القائمون بالتدريس أو الطلبة، بل ثمة كتب في الفقه أو الحديث أو النحو أو اللغة أو غير ذلك يدرسها الشيوخ حسب اختياراتهم ويسمعها من الشيخ من شاء من الطلاب وغيرهم، ولم تكن المساجد أو غيرها من دور العلم تفترق في ذلك عن المدارس، غير أن الحصول على الاجازة هو الذي كان يستلزم مواظبة الطلاب في السماع وحضور الدروس.
وكانت هناك عناية فائقة بحفظ عدد من الكتب المشهورة في كل فن من الفنون، ونرى في تراجم علماء العصر أسماء الكتب التي حفظوها، وقد كان ذلك بالطبع أثرا من آثار العناية بعلم الحديث وحفظه حيث انتقلت العناية بالحفظ من الحديث إلى غيره من العلوم.
[دور العلم:]
كانت مراكز العلم في ذلك العصر منحصرة في ثلاثة أنواع من المنشآت هي المدارس والخوانق وما يشبهها من الربط والزوايا والمساجد، وسنعرض هنا لكل منها
باعتباره مركزا علميا ذاكرين بعض الأمثلة:
[١ - المدارس:]
وقد أشرت من قبل إلى بداية إنشائها في عهد الأيوبيين، ثم كثرتها في عهد المماليك حتى أصبح من العسير إحصاؤها إذ بلغت عددا كبيرا، ووجد بالمدن المصرية غير القاهرة عديد من المدارس، ولكن القاهرة قد حظيت بالحظ الأوفر منها، وقد أشار السيوطي إلى بعض هذه المدارس منها ما كان قائما في عهده، ومنها ما انتهى أمره وبقي أثرا بعد عين، ونشير هنا إلى بعض المدارس التي كانت لا تزال قائمة إلى عهد السيوطي: