للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وبطبيعة الحال فلقد تفاوتت هذه المدارس بحسب ما رصد لكل منها من أوقاف وما كان لكلّ من الشهرة بحسب شهرة العلماء القائمين بالتدريس فيها، ولذلك فكثيرا ما نرى من علماء العصر من قام بالتدريس بإحدى المدارس الصغيرة ثم تركها وانتقل إلى مدرسة أخرى أكثر شهرة وأوسع أوقافا.

أما فيما يخص الطلبة فقد كان الواحد منهم يحضر دروس أحد المدرسين حتى يأخذ منه كفايته ثم ينتقل إلى الآخر حتى يصل من يأخذ العلم عنهم بضع مئات في بعض الأحيان، ونلاحظ ذلك من مطالعة تراجم كثيرين من علماء ذلك العصر، وكثيرا ما تطلبت هذه الطريقة من طالب العلم أن يرحل إلى مختلف المدن فإذا أتم الطالب دراسته وتأهل للفتيا والتدريس أجاز له شيخه ذلك وكتب له إجازة يذكر فيها اسم الطالب وشيخه ومذهبه وتاريخ الاجازة «١»، ولا شك أن لهذه الطريقة مزايا متعددة تتمثل في حرص الطالب على حضور دروس أكبر عدد من الشيوخ والسماع منهم، كذلك الحرص على حضور دروس كبار الأساتذة والعناية بها للحصول على إجازات منهم، وقد كان الحصول على الاجازات يستلزم من الطالب إتقان ما درسه على الشيخ واستيعابه وتفهمه وحفظه في بعض الأحيان فإذا ما أتم ذلك استوجب أن يمنح إجازة بتدريس كتاب ما أو الافتاء في مذهب من المذاهب الفقهية، وقد ظل هذا التقليد ذائعا ومرعيا طيلة هذه الفترة.

وعرف في هذه المدارس نظام المحاضرات التي عرفت بالمجالس إذ كان بعض المدرسين يملي مجالسه على طلبته، وقد ذكر السيوطي عن الحافظ العراقي أن الله تعالى أحيا به سنة الاملاء فأملى أكثر من أربعمائة مجلس «٢»، كما ذكر أن ابن حجر أملى أكثر من ألف مجلس وأن الله قد أحيا به وبشيخه العراقي سنة الاملاء «٣».


(١) عبد الوهاب حمودة: صفحات من تاريخ مصر ص ٤٤.
(٢) حسن المحاضرة ج ١ ص ٢٠٤.
(٣) حسن المحاضرة ج ١ ص ٢٠٦، نظم العقيان في أعيان الأعيان: ترجمة ابن حجر ص ٤٥.

<<  <   >  >>