للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعض الأسانيد من سقط أو إرسال، وإظهار كذب بعض الرواة، وقد قال نقاد الرواية من المحدثين: «إذا اتهمتم الشيخ فحاسبوه بالسنين» «١»، أي سنه وسن من كتب عنه، وقد تبين لبعض نقاد الحديث زيف بعض الرواة بحساب التواريخ، ولذلك نبهوا على ضرورة العناية بمعرفة مواليد ووفيات رجالهم «٢».

وكما بحث رجال الحديث تواريخ رواتهم فإن السيوطي الذي يطبق منهجهم على اللغة قد تناول هذا الموضوع إتماما منه لعمله السابق الخاص برجال اللغة حتى يكون بذلك قد تناول هؤلاء الرجال من جميع الجوانب التي يتناولها أهل الحديث في بحث أحوال رواتهم، وعلى ذلك الأساس أفرد فصلا لبحث «المواليد والوفيات» «٣»، من رجال اللغة سرد فيه أسماء خمسة وسبعين من أئمة اللغة والنحو، واقتصر على بيان ميلاد كل منهم ووفاته، أو وفاته فقط إن لم يكن ميلاده معروفا أو متفقا عليه، وقد ابتدأ بأبي

الأسود الدؤلي (٦٩ هـ)، وانتهى بالفيروزآبادي صاحب القاموس (٨١٦ هـ).

وبالرغم من أن كتب الطبقات قد بينت ذلك من قبل السيوطي فإن تناول الرجال من هذه الزاوية التي تهدف إلى ضبط تواريخهم يعد أمرا جديدا فيما يخص الدرس اللغوي حاول به السيوطي أن يستكمل ما فات اللغويين من قبل حتى يتكون من مجموع هذه الأبحاث منهج متناسق متكامل في نقد الرواية اللغوية يضاهي منهج أصحاب الحديث. وإذا كنا قد بحثنا ما قام به السيوطي من دراسات تتصل برجال اللغة ورواتها فإن علينا أن نتناول القسم الثاني وهو الخاص بالأسانيد لنرى ما قام به.

ب- الأسانيد:

والبحث في الأسانيد يشكل الشق الآخر لمنهج نقد الرواية سواء أكان في الحديث أم في اللغة أم في غيرهما من العلوم النقلية، وجوانب البحث في


(١) مقدمة ابن الصلاح ص ١٩٠.
(٢) المصدر السابق ص ١٨٩ - ١٩٣.
(٣) المزهر ج ١ ص ٤٦١.

<<  <   >  >>