لست هنا بصدد دراسة الحياة الأدبية دراسة متعمقة فذلك أمر يطول شأنه ويحتاج إلى بحث مستقل، وإنما مقصودنا أن نعرض لهذه الحياة عرضا نستجلي به صورتها العامة والشكل الذي كانت عليه في عصر السيوطي، ونتعرف على الأنواع الأدبية من الشعر والنثر في ذلك الحين، وتجنبا للاطالة فإننا نكتفي بعرض سريع نتبين فيه الملامح العامة للنشاط الأدبي.
وقد حرم الشعر والشعراء في هذه الفترة الحفاوة التي وجدها أسلافهم القدماء، ذلك أن رجال الدولة وكبراءها كانوا من الأتراك الذين لا تهتز أعطافهم للأشعار العربية على الرغم من أن لغة الدولة العربية ولغة العلم هي العربية كذلك.
لذلك لا نجد من الشعراء من اتصل بالدولة أو بالسلاطين، وإنما اندس هؤلاء بين الناس وتناولوا حرفهم.
وقد كان شعر هذه الفترة تقليدا لا استقلال فيه في أحيان كثيرة، وكان الشعراء يتتبعون في أشعارهم آثار أسلافهم الأولين مصيبين حينا ومخطئين أحيانا.
ويمكن تقسيم شعر هذه الفترة إلى قسمين أولهما: شعر المناسبات وهو ما يخاطب به الحاكم والجماعة، والآخر الشعر الذاتي وهو ما يعبر به الشاعر عن مشاعره الذاتية بغض النظر عن الجماعة «١».
وفي الأول نجد العناية باللفظ ولكنها عناية متغالية تجلب على الشعر التكلف
(١) د. عبد اللطيف حمزة: الأدب المصري من قيام الدولة الأيوبية إلى مجيء الحملة الفرنسية ص ١٠٧.