ولعل الدافع إلى وضع هذه الموسوعات والإكثار منها هو شعور علماء العصر بمسئوليتهم تجاه المسلمين في المشرق والمغرب بعد سقوط بغداد وضياع كثير من كنوزها العلمية على أيدي التتر.
على أن كثيرا من المؤلفات التي وضعت في ميدان من ميادين المعرفة لم تخل من أثر الاتجاه الموسوعي في منهج تأليفها فنجد فيها الاستطراد إلى موضوعات خارجة، والتسلسل من موضوع إلى غيره، وهناك كثير من كتب اللغة والحديث والتاريخ والنحو والأدب لم تسلم من أثر النزعة الموسوعية إن قليلا وإن كثيرا وأشهر الكتب التي يتضح فيها الاتجاه الموسوعي هي:
أ- لسان العرب: وهو المعجم اللغوي المشهور الذي ألفه ابن منظور المتوفى عام ٧١١ هـ، وفيه إلى جانب اللغة تطرق إلى كثير من مواد المعرفة.
ب- إرشاد الساري إلى شرح البخاري لشهاب الدين القسطلاني المتوفى عام ٩٢٣ هـ وهو من معاصري السيوطي، وفي كتابه إلى جانب شرح الحديث بحوث تاريخية وفقهية وتطرق إلى موضوعات شتى، والكتاب في عشر مجلدات.
ج- فتح الباري بشرح البخاري لابن حجر العسقلاني المتوفى عام ٨٥٢ هـ، وهو كتاب ضخم وفي ثناياه بحوث فقهية وتاريخية.
د- صبح الأعشى في صناعة الإنشاء لشهاب الدين القلقشندي المتوفى عام ٨٢١ هـ، وهو في عشرين مجلدا وفيه استطرادات تاريخية وتراجم ونصوص أدبية وتطرق إلى كثير من الموضوعات المتنوعة.
إلى غير ذلك من الكتب التي يضيق المقام هنا عن ذكرها وإنما مثلنا بما قدمنا منها، وسنرى عند الحديث عن مؤلفات السيوطي أثر هذه النزعة الموسوعية في مؤلفاته.
[٢ - ظاهرة التقليد:]
يبدو أن كثرة المؤلفات التي وضعت في هذه الحقبة وذيوع شهرة بعضها جعلت كثيرا من المؤلفين يتجهون إلى تقليد ما اشتهر منها لدى أشياخهم، ولهذا