للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

«خصيصى» بألف القصر، وقد تمد شذوذا فيقال «خصيصاء»، وقد أورد عددا كبيرا ممن نص على هذا القول من أئمة اللغة كسيبويه والسيرافي والقالي وابن دريد وغيرهم، وقرر أنه لم يرد «خصيص» البتة حتى يقال في تثنيته «خصيصان» وذكر أن ابن دريد قد قرر أنه ليس لمولد أن يبني «فعّيلا» إلا ما بنت العرب وتكلمت به، ولو أجيز ذلك لقلب أكثر الكلام. وهكذا يؤيد السيوطي الوقوف عند السماع في بناء «فعّيل»، ولا يبيح فيه القياس.

٣ - الزّند الوري في الجوانب عن السؤال السكندري «١»:

تتناول هذه الرسالة البحث في قوله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهوديّ أو نصرانيّ، ثم يموت ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار»، حيث يتضح بجلاء ما قلناه من تقدير السيوطي صحة المعنى واستقامته وتقديمها على بعض الأصول النحوية التي قد لا يفهم بواسطتها المقصود من

العبارة وتكون سببا في تحريف المعنى، ذلك أن الإعراب الصحيح ينبغي أن يكون مناسبا للمعنى خادما له باعتباره أحد عناصره، وللمعنى عناصر كثيرة منها السياق المقامي والثقافي.

والرسالة تعطي صورة للصراع بين فهم المعنى وأدائه وبين بعض الأصول النحوية، وقد عبر عن ذلك السيوطي في قوله: «وقد أشكل هذا الحديث على بعض الناس من جهة تنزيل المقصود منه على القواعد النحوية، فإن المقصود من الحديث أنه من سمع بنبينا عليه الصلاة والسلام ممن شملته بعثته العامة، ثم مات غير مؤمن بما أرسل به كان من أصحاب النار، وفي تنزيل لفظ الحديث على هذا المقصود قلق كما سيأتي، وهذا الاشكال يعرض كثيرا في غير لفظ الحديث أيضا». وهنا تتضح هذه الفجوة التي حدثت بين اللغة وبين بعض الأصول النحوية المجردة التي أقيم بعضها نتيجة فلسفة عقلية بعيدة عن الواقع اللغوي، وقد تنبه السيوطي لهذه الفجوة بصدد مجموعة من الأمثلة الأخرى التي ساقها في رسالته من باب الاستثناء أيضا، ويعرض لبعض التخريجات النحوية


(١) طبعت بالحاوي ج ٢ ص ٤٨٠.

<<  <   >  >>