للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحتملة في الحديث، وقد رجح كون الجملة الواقعة بعد «إلا» حالا، وعلل رأيه باطراد الحالية في جميع الأمثلة المشابهة، وقد حاول أن ينتصر للفكرة الصائبة التي ترى أن القواعد النحوية ينبغي أن تتصل باللغة وواقعها لا أن تنبثق عن العقل، فأنكر على من يخالفه فيما قرره قائلا: «وكم من قاعدة نحوية قدّرت ولم يبال بمخالفتها للقواعد العقلية فإن كلا من النحو والفقه معقول من منقول كما ذكر ابن جني، فتارة يلاحظ فيها الأمر العقلي وتارة يلاحظ فيها الأمر النقلي» «١».

وهكذا فإن السيوطي قد توصل إلى ما تنادى به علماء اللغات في عصرنا الحديث من أن منطق اللغة يخالف منطق العقل، وأن في تحكيم العقل في اللغة ضروبا من التعسف، وأنّه قد بات من المقرر فساد إقامة الفلسفة اللغوية على أساس المنطق العقلي.

٤ - رفع السنة في نصب الزّنة «٢»:

سئل السيوطي عن وجه النصب في قوله صلى الله عليه وسلم: «سبحان الله وبحمده زنة عرشه، ورضا نفسه، وعدد خلقه، ومداد كلماته»، فأجاب بأن هذه الكلمات الأربع منصوبات على تقدير الظرف، والتقدير: قدر زنة عرشه، وكذا البواقي فلما حذف الظرف قام المضاف إليه مقامه في إعرابه، ونص على أن هذا الاعراب هو المتجه المطرد السالم من الانتفاض.

ولما كان السؤال يستفسر عن جواز النصب على المصدر أو الحال أو على حذف الخافض فقد بحث السيوطي هذه الحالات وبين عدم إمكانها لفساد التقدير، وذكر أن نزع الخافض قريب من المصدر، وحاول أن يعضد وجهة نظره بكثير من الأمثلة والشواهد المناظرة التي تدل على انتصاب كلمة «قدر»، أو ما في معناها على الظرفية، ثم جواز حذفها وإقامة المضاف إليه مقامها.

ونلحظ أيضا سير السيوطي على نفس منهجه السابق في تقدير المعنى، فالمعنى هو الذي يحدد الاعراب ويوجهه، ولذلك يميل إلى ترجيح إعراب واحد به


(١) الرسالة السابقة ج ٢ ص ٤٨٤.
(٢) الحاوي ج ٢ ص ٤٨٥ - ٤٩٣.

<<  <   >  >>