التقيد بالتزام جميع عناصر منهج المحدّثين في دراسة اللغة من الأمور التي نحمدها للسيوطي، إذ إنه يحاول أنه يعبر بذلك عن واقع الدّرس اللغوي الذي يختلف في كثير من المواضع بلا شك عن دراسة الحديث الشريف.
وليس التشابه بين منهج المحدثين وبين عمل السيوطي بحاجة إلى التدليل عليه أكثر مما ذكرنا، فقد صرح به في مقدمته، بالإضافة إلى ما رأيناه من تشابه بين تقسيماته وبين تقسيمات أهل المصطلح.
بعد هذا التعريف بالمنهج الذي وضعه السيوطي ليكون مصطلحا لعلوم اللغة يجدر بنا أن نقوم الجهد الذي قام به في تكوين منهجه وإقامة دعائمه وتطبيقه على اللغة، فإلى أي مدى وفق في ذلك؟ وما مدى مناسبة منهجه للواقع اللغوي؟. ونقد الرواية في الحديث أو في غيره من العلوم النقلية يتعرض لمرحلتين من النقد أولاهما: النقد الخارجي أو نقد السند، وهذه أهم المرحلتين، وقد حظيت ببحث مستفيض لدى المسلمين، وهي بالتالي يمكن أن يندرج البحث فيها تحت قسمين رئيسيين ترتد إليهما فروع البحث في النقد ومصطلحاته، وأولهما: البحث في الرواة جرحا وتعديلا وما يتبع ذلك من معرفة تواريخهم وأحوالهم، والآخر: البحث في الأسانيد واتصالها وعللها وما يدخل في ذلك من فروع.
أما المرحلة الثانية فهي النقد الداخلي أو نقد المتن، وهي تعنى بالترجيح بين الروايات المختلفة، وتتناول متون النصوص بالنقد، ولم يغفل تناولها أصحاب أصول الحديث، بيد أن العناية بها من عمل البيئات الاسلامية المختلفة التي تناولت النصوص لا سيما بيئات الفقهاء.
ولكني نحدد دور السيوطي في وضع منهج لنقد الرواية اللغوية سنبحث الموضوع حسب التقسيم السابق.
[المرحلة الأولى: النقد الخارجي:]
أ- رواة اللغة:
اشترط اللغويون منذ وقت مبكر العدالة في راوي اللغة، وقد نقل عن