للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الوضع اللغوي]

يرتبط بحث القدماء في الوضع اللغوي بأفكارهم عن نشأة اللغة، ولذلك بحث السيوطي نشأة اللغة والقول بكونها توقيفا أو اصطلاحا تحت اسم «بيان واضع اللغة». وسواء أكانت اللغة إلهاما أم اصطلاحا أم مزيجا منهما معا بطريقة أو بأخرى،- عندهم- فلا بد من وضع يجعل لفظ كذا بإزاء معنى كذا، وقد تناول بعض المسائل المتصلة بالوضع اللغوي في كتابه وهي بحوث نظرية أفاض فيها الأصوليون بيد أنها تقوم- في غالبها- على الاحتمالات الفرضية، والصور الذهنية الامكانية، ولكن بعض هذه المسائل يمس جوانب هامة في البحث اللغوي.

فقد تحدث عن الحكمة الداعية إلى الوضع فنقل عن الكيا الهراسي وعن الفخر الرازي ما يبين فهمهما للغة وصلتها بالمجتمع، وأن حاجة الانسان إلى غيره من بني جنسه هي التي دفعت إلى وضع اللغة «١».

ثم تحدث عن حدّ الوضع فنقل عن السبكي أنه «تخصيص الشيء بالشيء بحيث إذا أطلق الأول فهم منه الثاني» «٢»، وتناول بعد ذلك الخلاف الذي نشأ ومؤداه: هل وضع الواضع المفردات والمركبات الاسنادية أو المفردات خاصة دون المركبات الاسنادية؟ وقد نقل السيوطي عن الأصوليين والنحويين واللغويين أقوالهم واختلافهم في ذلك، فذكر أن الرازي وابن الحاجب وابن مالك وغيرهم يذهبون إلى أن الواضع قد وضع المفردات دون المركبات الاسنادية وحجتهم في ذلك أنه لو كان الواضع قد وضع المركبات الاسنادية لتوقف استعمال الجمل على النقل عن العرب كالمفردات.


(١) المزهر ج ١ ص ٣٦ - ٣٨.
(٢) المزهر ج ١ ص ٣٨ - ٤٠.

<<  <   >  >>