للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

بسم الله الرحمن الرحيم

[مقدمة]

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد فهذا البحث الذي قصدت به دراسة «السيوطي اللغوي» يتناول شخصية هامة في تاريخ الفكر الاسلامي بعامة، والدرس اللغوي بخاصة، وقد أردت بهذا البحث الذي يتناول شخصية قدر لها أن تحيا في عصر متأخر، وفي بيئة متميزة ورثت البيئات الاسلامية المتقدمة أن أعرض صورة لما آل إليه أمر الدرس اللغوي بعد تدرج طويل مرّ به في أحقاب متتالية، والدرس اللغوي متصل أشد الاتصال بسائر فروع المعرفة الانسانية، لأن اللغة هي أداة التعبير في سائر العلوم، ولأن العلوم الاسلامية من فقه وأصول وحديث وتفسير وغير ذلك تعتمد أشد الاعتماد على اللغة ويهمها ما يصل إليه البحث اللغوي من نتائج، بل إننا لا نبالغ إذا قلنا إن جميع هذه الفروع بما فيها البحث اللغوي قد امتزجت أمشاجها عند أولئك القوم وتأثر بعضها ببعض، ولا يعني ذلك اختلاطها عليهم ولكن يعني إفادة كل فرع من الآخر بالقدر الذي تقتضيه طبيعته.

والسيوطي عالم متعدد الجوانب لم يدع فرعا من فروع المعرفة دون أن يطرقه ويترك لنا فيه آثارا تزيد أو تنقص بمقدار عنايته بذلك الفرع، وقد ترك اهتمامه المتعدد بشتى ألوان البحث أثرا بالغا في تفكيره وطبع عقليته بطابع متميز، كما أن حياته في عصر متأخر وفي البيئة المصرية التي تميزت في عهد المماليك بمميزات خاصة حضارية وثقافية، كل أولئك قد ظهر أثره في إنتاجه وآثاره، لذلك رأيت لزاما علي لكي أستجلي معالم شخصيته وفكره وطابعه العقلي أن أبدأ أولا

<<  <   >  >>