نريد أن نلمس هنا بعض جوانب الحياة داخل البلاد ونتبين أهم العلائم التي تميز ذلك المجتمع عن غيره، والمعالم التي تحدد لنا صورة واضحة للبيئة التي عاش فيها السيوطي، ونستطيع استجلاء ذلك من خلال تعرضنا لبعض الجوانب الهامة في حياة المجتمع.
[بناء المجتمع:]
والمجتمع في عصر المماليك مجتمع طبقي تتضح فيه الفروق بين الطبقات، وتتزيل كل طبقة عن الأخرى بمجموعة من الخصائص والمظاهر.
وأكثر فئات المجتمع تميزا عن غيرها هي فئة المماليك التي كانت تمثل طبقة عسكرية ممتازة تستأثر بالحكم وبشئون الحرب، ولهم من أصلهم ونشأتهم وأسلوبهم في الحياة وبعدهم عن أهل البلاد سياج يحيط بهم ويميزهم عن غيرهم.
ولم يكن هؤلاء من أصل واحد، بل كانوا مجتلبين من شتى البلاد، وقد بالغ كثير من السلاطين في شراء المماليك واعدادهم، واهتموا بتربيتهم اهتماما كبيرا ولم يضنوا عليهم بتوفير المعيشة الفاخرة، وعند ما يشب المملوك ويخرج من الطباق يقرر له راتب شهري «جامكية» ويتدرج في الترقي وربما أتيح له أن يصبح من أمراء المماليك وكبار رجال الدولة، وربما يستطيع بعد ذلك الوصول إلى السلطنة.
وقد تمتع المماليك بحظ كبير من الثراء عن طريق الأموال والاقطاعات الكبيرة التي تصلهم من الدولة «١»، وظلت القاعدة في الإقطاع أن يئول إلى السلطان
(١) د. سعيد عاشور: المجتمع المصري في عصر سلاطين المماليك ص ١٩.