فهو يدل على عقلية فالاختيار يدل على عقل صاحبه، وما عارضوا سابقيهم فيه له نفس الدلالة، كما يمكننا أن نتتبع ما ذكروه من تعليقات على ما نقلوه من النصوص، وسنثير هذه المسألة مرة أخرى عند بحث الجانب اللغوي عند السيوطي وهو ما يهتم به البحث.
ذلك أن بعض هؤلاء كانت له في بحوثه شخصية وقوة تشعرنا بعمق الفهم وكمال الادراك وحسن التوجيه والتعليل.
وفي كثير من ميادين البحث: في الحديث وأصوله، وفي اللغة والنحو والفقه وأصوله وغيرها من العلوم نبغ في هذه الحقبة لا سيما في مصر رجال كانت لهم اليد الطولى في إرساء قواعد هذه العلوم واستقرارها ولم تخل بحوثهم من جدة وحسن اختيار وشخصية تظهر بوضوح خلال البحث.
[٤ - الاكمالات والتذييلات:]
قريب من المتون والشروح ما نراه من إكمالات وتذييلات، وهي ظاهرة شاعت في مؤلفات ذلك العصر لا سيما في كتب التراجم والتاريخ، وقد أفادت هذه الظاهرة العلم بأن وصلت حلقات الزمن المختلفة وحفظت لنا كثيرا مما كان مهددا بالضياع، فنرى على سبيل المثال كتاب وفيات الأعيان لابن خلكان المتوفي عام ٦٨١ هـ وبه أكثر من ثمانمائة ترجمة بينها تراجم بعض أعيان القرن السابع، نرى ذلك الكتاب وقد ذيّله عالم متأخر هو ابن شاكر الكتبي المتوفى عام ٧٦٤ هـ بوضعه كتاب فوات الوفيات الذي ضمنه عشرات التراجم لبعض أهل القرن الثامن.
ونجد هذه الظاهرة في بعض كتب التاريخ التي أكملها بعض المتأخرين لوفاة مؤلفيها السابقين كما صنع أبو المحاسن في كتاب «حوادث الدهور في مدى الأيام والشهور» إذ جعل كتابه ذيلا لكتاب السلوك للمقريزي فيبدأ فيه من حيث انتهى المقريزي في سلوكه عام ٨٥٦ هـ، وبه تاريخ مصر مدة اثني عشر عاما مع كثير من التراجم، وسنرى اتباع السيوطي أيضا لهذا العرف عند إكماله التفسير الذي وضعه جلال الدين المحلي فقد أكمله على نفس المنهج والتنظيم