للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نحس هنا بصفة خاصة انتقاءه لهذه النقول وانتقاده لها، ووضوح موقفه منها، أو نقدها من حيث صحتها، فحين ينقل عن البدر الدماميني رأيا في «غير» منسوبا للسيرافي لا يلبث أن يذكر أنه رأى في كلام السيرافي ما يخالفه «١».

وإذا كان ضيق المكان يحتم علينا أن نجمل حكمنا على هذا الشرح، فانه لا يسعنا بعد ما قدمنا من أوصافه إلا أن نقرر أنه من أبسط الشروح النحوية وأوفاها، وأكثرها وضوحا واستيفاء، مع ما يتميز به من تناول كثير من المسائل التي أغفلها النحويون وبالرغم من حرصه على ذكر كثير من العلل النحوية فانه يوردها بأسلوب واضح قريب المأخذ.

[٦ - شرح ألفية ابن مالك،]

يسمى «النّهجة المرضية في شرح الألفية» سبق لنا أن بينا في حديثنا عن الحياة الثقافية في مصر عناية القوم بالمتون والشروح، وذكرنا أن مما حظى بتوفر الشراح عليه منظومة ابن مالك المعروفة بالألفية، وقد ترسم السيوطي خطى هذا العرف السائد في عصره، فتناول هذه المنظومة التي شرحها من قبل كبار النحاة، وأشهر شراح الألفية قبل السيوطي ابن عقيل (٧٦٩ هـ) ويمتاز شرحه بالسهولة والوضوح والبعد عن التعقيد، وقد تتبع في شرحه نظم ابن مالك بالبيان منبها في قليل من الأحيان على ما يخالفه، وفي أكثر الأحيان يوافق ابن مالك ويدفع عنه هجوم ابنه عليه، وقد عاصره ابن هشام (٧٦١ هـ) الذي ألف كتابه «أوضح المسالك» ولم يلتزم فيه بنص الألفية بل تناول موضوعاتها، ونبه في حديثه على ما يوافق ابن مالك فيه وما يخالفه، وقد نص في مقدمته على ذلك في قوله: «وربما خالفته في تفصيله وترتيبه» «٢».

وثمة شروح أخرى سبقت السيوطي وشروح لحقته كشرح الأشموني (٩٢٩ هـ)، ولولا ضيق المقام لتناولنا بعضها بالمقارنة بشرح السيوطي، وإنما نكتفي بأن نبين ما تميز به شرحه، ويمتاز هذا الشرح بالتوسط بين الايجاز والإطناب، ويعمد فيه صاحبه إلى بيان مقصود الناظم بعباراته الواضحة مع


(١) المطالع السعيدة ورقة ١٠ ص ٢٠.
(٢) شرح أوضح المسالك المسمى بمنار السالك ج ١ ص ٤.

<<  <   >  >>