للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والملاحظ أنه لم يكن للخليفة سلطة تذكر بجانب السلطان، وقد كان في مقدور السلطان أن يخلع الخليفة وأن يولي غيره، وكانت مبايعة الخليفة للسلطان تقليدا شكليا واعترافا من قبل الخليفة بالأمر الواقع الذي لم يكن له فيه خيرة، وبالرغم من ذلك فقد كان منصب الخلافة من المناصب الجليلة بالدولة، كما أن السلاطين راعوا حرمة الخليفة وتوقيره في كثير من الأحيان.

وإكمالا للحديث عن الحياة السياسية لا نرى بأسا من أن نشير إلى نظم الحكم والقضاء بالدولة لارتباط هذه الأمور بالنواحي السياسية:

[نظم الحكم:]

كانت دولة المماليك إقطاعية كما سبق أن أشرنا، وقد قسمت أراضي مصر إلى أربعة وعشرين قيراطا، اختص السلطان منها بأربعة قراريط ووزعت بقية الأرض على الأمراء وجندهم، وأجناد الحلقة والعربان والتركمان «١».

وكان الاقطاع شخصيا لا دخل لأحكام الوراثة أو الملكية فيه، وبموت المقطع أو إخلاله بشروط الاقطاع يمكن للسلطان أن يخرجه عن إقطاعه ويمنح الاقطاع لغيره، وكان السلطان على رأس الهرم الاقطاعي بالبلاد وكذلك على رأس الهرم الإداري، ووجد إلى جانبه مجلس للمشورة يضم أتابك العسكر والخليفة العباسي والوزير وقضاة المذاهب الأربعة وأمراء المائتين، وقد تعددت اختصاصات ذلك المجلس في شئون الحرب والصلح، وشغل المناصب الكبرى للدولة، على أن السلطان لم يكن ملزما بدعوة هذا المجلس أو الأخذ برأيه فهو صاحب الرأي الأخير بوصفه حاكما مطلقا «٢».

وكانت إقامة السلطان والأمراء وأسرهم بقلعة الجبل، وقد كانت بمثابة مدينة صغيرة تضم طباق المماليك السلطانية فضلا عن عديد من دواوين الدولة وأجهزتها، وكان بها كثير من القصور والعمائر والمساجد.


(١) القلقشندي: صبح الأعشى ج ٣ ص ٤٥٣، ٤٥٤.
(٢) د. سعيد عاشور: العصر المماليكي ص ٣٥٢.

<<  <   >  >>