للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المعنى أو الدلالة اللغوية]

بعد أن عرضت لمفهوم السيوطي للغة وتطبيقه هذا المفهوم في دراسة الألفاظ نحاول هنا بيان تطبيقه لهذا المفهوم فيما يتصل بالمعنى، وقد تناول السيوطي اللغة من حيث المعنى في ثلاثة عشر نوعا سبق لنا تناول بعضها وبقي جانب آخر نحاول تناوله في هذا المبحث.

وقضية المعنى وتحديده قد شغلت المفكرين من اللغويين وغيرهم منذ عصور بعيدة في كثير من اللغات، ولعل من أوفى ما يتعلق بالمعنى اللغوي من حيث تحديده ودراسته ما أنتجته بيئة الأصوليين.

وفي العصر الحديث عرفت دراسة المعنى باسم علم الدلالة Semantics , وهو فرع من فروع علم اللغة يعد كما يقولون: «غاية الدراسات الصوتية والفونولوجية والنحوية والقاموسية» «١»، ودرس هؤلاء التطور الدلالي وعوامله، وظهرت مناهج لدراسة المعنى اتجهت أخيرا إلى محاولة إدراك الظروف الخارجية التي تعين على تغير المعنى، بيد أنه من الانصاف أن نؤكد القول بأن كثيرا مما توصل إليه علم الدلالة «لم يصل بعد في دقته وضبطه وعمومه إلى المستوى الذي يستحق فيه اسم القوانين» «٢».

ولما كان اللغويون المحدثون يفصلون في بحث اللغة بين الظواهر المتعلقة بالأصوات وبين الظواهر المتعلقة بالمعنى، بالإضافة إلى الظواهر البنيوية والتركيبية على نحو ما هو معروف في مستويات الدرس اللغوي الحديث، ولما كان القدماء لا يحددون البحث في اللغة هذا التحديد القاطع فقد حدث عندهم


(١) د. محمود السعران: علم اللغة ص ٢٨٥.
(٢) د. علي عبد الواحد وافي: علم اللغة ص ٢٠.

<<  <   >  >>