للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكان إلى جانب هذه المدارس مكاتب صغيرة ملحقة بها تعنى بتعليم الصبية مبادئ القراءة والكتابة وطرفا من العلوم الأولية وتحفيظ القرآن، وكانت هذه المكاتب تمهد

للالتحاق بالمدارس الكبيرة.

وكانت هذه المدارس بمثابة جامعات علمية عظيمة الشأن من حيث طريقة التدريس ومستوى الدراسة ونظم التلقي والإقامة، وكان لها نظم وقواعد محكمة ومرعية في مختلف مناحيها، بل إنها تمتاز عن الجامعات الحديثة بأن طلابها كانوا لا يجدون من العقبات والعوائق ما يحول بينهم وبين تحصيل العلوم فضلا عما كانوا ينالونه من ضروب التيسير والمساعدة.

وقد روعي في تصميم المدارس الأغراض التعليمية وعدد المذاهب ومساكن الطلبة والمعيدين فضلا عن خزائن الكتب والمصاحف، ولم يكن بناء المدرسة مستقلا في كثير من الأحيان، بل كان بناء ملحقا بالقبة التي بناها السلطان أو الأمير منشئ المدرسة ليدفن فيها بعد وفاته، ومبعث اختيارهم أن يدفنوا إلى جوار المدارس هو طلب الرحمة باعتبار المدارس أماكن تدرس فيها العلوم الدينية «١»، وكان بالمدرسة مسجد وله عدد من المؤذنين وكان يؤم المصلين بها أحد القائمين بالتدريس أو المعيدين «٢».

وجرت العادة عند الفراغ من بناء مدرسة للسلطان أن يحتفل بافتتاحها في حفل كبير يحضره الأمراء والفقهاء والقضاة والأعيان ويأكلون من سماط يزخر بألوان الأطعمة، ثم يخلع السلطان على كل من أسهم في بناء المدرسة «٣»، ويعيرى لها موظفيها من المدرسين والمعيدين والمؤذنين والقراء وغيرهم.

أما العلوم الأساسية التي كانت تدرس في هذه المدارس فقد ارتبطت بأصول الدين كالفقه والحديث والتفسير أو العلوم اللغوية وما يتصل بها كالنحو والصرف والبيان، فضلا عن الدراسات العقلية كالفلسفة والمنطق أو العلوم العملية كالفلك والكيمياء والطب.


(١) د. سعيد عاشور: المجتمع المصري ص ١٤٩.
(٢) راجع: ابن دقماق: الانتصار: الكلام عن المدرسة الطيبرسية ج ٤ ص ٩٦.
(٣) راجع على سبيل المثال افتتاح مدرسة السلطان حسن: بدائع الزهور ج ١ ص ٢٠٤.

<<  <   >  >>