للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإذا قارنا هذا الشرح بشرحين أحدهما سابق له وقد نشأ صاحبه في نفس بيئة السيوطي وهو شرح ابن هشام، والآخر لاحق له وهو شرح الشيخ إبراهيم الباجوري لتبينا اهتمام ابن هشام بالملاحظات النحوية واللغوية وذكر الأوجه المختلفة في إعراب الألفاظ والجمل، والتعرض للألفاظ ببيان نوعها أو اشتقاقها أو غير ذلك من هذا القبيل، وهو بذلك يغفل ذكر المعنى الاجمالي، والشرح اللاحق للسيوطي أكثر إيجازا من شرح ابن هشام من الناحية اللغوية والنحوية بيد أنه لا يغفل ذكر المعنى العام للبيت.

ونستطيع أن نصف شرح السيوطي بعد هذه الموازنة بأنه شرح لغوي أدبي، فهو شرح لغوي لأنه يعني بتفسير معاني الألفاظ وذكر المعنى العام لكل بيت، وهو شرح أدبي لتناوله الأفكار والأساليب الأدبية بالتعليق والتمثيل وإبداء الملاحظات القيمة فحين يتناول السيوطي بيت كعب:

وما سعاد غداة البين إذ رحلوا ... إلا أغن غضيض الطرف مكحول

يقول: «أي وما سعاد غداة البين إذ رحلوا وهي معهم إلا ظبي أغن الصوت غضيض الطرف مكحول العين، وسعاد هي محبوبته التي أشار إليها في البيت الأول، والغداة: اسم لمقابل العشي، قال تعالى: يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَداةِ وَالْعَشِيِّ، وقد يراد بها مطلق الزمان ... إلى آخره» «١»، ويستمر في شرح الألفاظ وبيان معانيها واستعمالاتها المتنوعة وما يترتب على ذلك من وجوه متنوعة في فهم النص، ثم لا يلبث أن يعود إلى تفصيل المعنى الذي أوجزه في أول الشرح فيقول: «وحاصله أنه لما ذكر حال نفسه، وما أعقبه الفراق من الضنك شرع في ذكر وصف محبوبته التي يهواها وما اشتملت عليه من المحاسن التي لا يقدر معها على الأسف على فراقها ... فشبهها بظبي موصوف بأحسن الصفات» «٢»، ثم يتعرض بعد ذلك إلى الجوانب الأدبية فيتحدث عن عادة الشعراء في التشبيه ويذكر أمثلة لذلك «٣». ونحن إذا قارنا شرح هذا البيت بما


(١) شرح السيوطي ورقة ١٠ ص ١٩.
(٢) المصدر السابق ورقة ١٠ ص ٢٠.
(٣) نفس المصدر ورقة ١٠، ١١.

<<  <   >  >>