للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كالترقيص للأزدي والأغاني لأبي الفرج، وغالبه كتب في اللغة اختصت بموضوع واحد أو عدة موضوعات ككتب الأضداد لأبي داود ولأبي عبيد ولابن الأنباري، وشجر الدر لأبي الطيب اللغوي، وكتاب العسل للفيروزآبادي، والمقصور والممدود للأندلسي ولابن ولاد ولابن سيدة ولابن السكيت وللقالي، وقد أكثر نسبيا من النقل عن هذه الكتب الثلاثة الأخيرة، والمؤتلف والمختلف للآمدي، والفروق لأبي الطيب، وغيرها من الكتب. ولا حاجة بنا بعد ما قدمناه إلى استقصاء جميع مصادره وذكرها فقد ذكرت جانبا كبيرا منها كما حددت المعالم العامة لهذه المصادر وأنواعها.

وقد شاع لدى عامة الدارسين أن السيوطي ناقل لا غير، وملخص لأقوال الأقدمين بحيث إن المقدمين لكتابه كادوا يشوهونه بقولهم: «إن هذا الكتاب على ضخامته ليس للسيوطي فيه إلا الجمع والترتيب عدا بدوات قليلة نجدها مبعثرة في ثنايا الكتاب، وفقرات يقدم بها بين يدي الباب أو يختتمه» «١».

وبالرغم من صدق هذه العبارة إلى حد كبير فإن ذلك لا يغض من شأن الكتاب ولا من شأن مؤلفه فحسبه أنه المؤلف الذي تنبه إلى وجوب جمع هذه الأبحاث وضمها جميعا في مؤلف واحد، كما أن نقوله واختياراته تدل على مقدرة كبيرة على الجمع والترتيب واختيار أنسب النصوص وأخصرها وأوفاها بالغرض، ويبدو أن جنوح السيوطي إلى الاختفاء بشخصيته وراء النقول قد أتاه كما بينا من تأثير منهج المحدّثين، وطبع عقليته بالطابع النقلي الحديثي بحيث إنه حينما يريد الحديث عن فكرة معينة يبحث لها عن نقول تعبر عما يريد قوله، وكأنه بذلك لا يرى ثبوت الفكرة إلا بقوة إسنادها واتصالها بعالم من علماء السلف المشهورين، ومن هذا المنطلق نستطيع أن نعتمد على كثير من النقول التي يوردها ويختفي وراءها في تبين آرائه اللغوية وسنذكر ذلك بعد.

وإذا كان اهتمام السيوطي بالنقول إلى هذا الحد فيحسن بنا أن نتناول أسلوبه في عرض أفكاره وترتيب هذه النقول وكيفية اعتماده على المصادر.


(١) المزهر ج ١ ص أمن المقدمة.

<<  <   >  >>