للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المحدثين، وإنما هما عنده اسمان لمسمى واحد حيث لم ينقل غير تعريف المرسل عن ابن الأنباري ولم يعرف المنقطع، وكأنه بذلك يتبع الخطيب البغدادي وبعض

المحدّثين الذين لم يفرقوا بينهما، وقد أورد السيوطي أقوال ابن الأنباري في المرسل ثم أتبعها بكثير من الأمثلة لمراسيل الروايات عن كتب اللغة، ولم يطل في هذه الأمثلة، ولم يبد تعليقات على أقوال ابن الأنباري وكأنه بذلك يكتفي بأن يقف مثل موقف سابقه.

ثم أفرد بعد ذلك مبحثا للأفراد «١»، كما يفرد المحدثون له في كتبهم «٢»، وقد حدّه وبين حكمه بقوله: «وهو ما انفرد به واحد من أهل اللغة، ولم ينقله أحد غيره، وحكمه القبول إن كان المتفرد به من أهل الضبط والاتقان كأبي زيد والخليل والأصمعي وأبي حاتم وأبي عبيدة وأضرابهم، وشرطه ألا يخالفه فيه من هو أكثر عددا منه» «٣».

ولا نكاد نظفر لدى اللغويين قبل السيوطي بمثل هذا التحديد للأفراد، وبيان حكمها وشرط قبولها وإنما الذي نجده هو ما ينصون عليه في كتبهم من تفرد أحد الرواة بلفظة معينة أو بعبارة من العبارات. فللسيوطي في هذا المبحث فضل السبق في تحديده وبيانه، ثم له فضل جمع ما تفرق في كتب اللغة من أمثلة ما تفرد به الرواة وذكرها مجموعة منسقة، فهو يمثل لأفراد أبي زيد ثم لأفراد الخليل ثم يونس، وهكذا. وينبغي أن نشير إلى ملاحظة هامة هي أن اعتبار الأفراد إنما يكون بالنسبة إلى رواة اللغة كأبي زيد والأصمعي والخليل وأضرابهم، وهذا يخالف ما يتفرد به بعض القائلين الذين هم حجة في اللغة، فهذا النوع الأخير هو ما تناوله ابن جني ممثلا له بما انفرد به ابن أحمر الباهلي من ألفاظ لم تسمع من غيره من العرب «٤»، وعلى هذا فإن بحث الأفراد باعتبار الاسناد لم يتناوله ابن جني.


(١) المزهر ج ١ ص ١٢٩، النوع الخامس.
(٢) مقدمة ابن الصلاح ص ٤١.
(٣) المزهر ج ١ ص ١٢٩.
(٤) الخصائص ج ٢ ص ٢١ - ٢٨.

<<  <   >  >>