للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثل السيوطي لكل من هذه الأقسام بعدد من الأمثلة ويبدو أن محاولته محاكاة أهل الحديث في مصطلحاتهم هي التي دفعته إلى التمييز بين هذه الأقسام على نحو ما يفعل المحدثون، على حين أن اللغويين في تعبيراتهم لم يراعوا على ما يظهر الفرق بين بعضها وبين بعض، ونلاحظ خلطهم بين هذه الأوصاف أو المصطلحات إلى حد كبير، فمنهم من يسمى الشاذ نادرا ومنهم من يسميه قليلا ومنهم من يسميه منكرا والحوشي والغريب بمعنى واحد كما نص على ذلك السيوطي وقد بين أن الحوشي هو ما نفر

عن السمع فحده يرجع إلى اعتبارات صوتية، والشوارد بنفس المعنى.

ويبدو الاعتبار الصوتي واضحا في دراسة «المستعمل والمهمل» «١»، فقد نقل السيوطي في أوائل كتابه عن ابن دريد والخليل والزبيدي عدة أبنية الكلام التي أحصاها اللغويون بطريقة رياضية في تآلف الحروف ثم أحصوا بعد ذلك المستعمل منها والمهمل «٢»، وقد أشار في حديثه عن المستعمل والمهمل إلى ما أورده من قبل، ثم أخذ يورد النقول التي تدرس الاستعمال والإهمال فنقل عن ابن فارس وابن جني ما يعلل الاهمال في جملته بالاستثقال، وقد تناولت نقوله بعض الظواهر الصوتية التي تسود العربية فهناك حروف لا يجوز ائتلافها كالجيم مع الكاف، والعين مع الغين والحاء مع هاء أو غين .. إلى غير ذلك من التفصيلات التي أوردوها وعللوا بها ما أهمل من الألفاظ والأبنية.

وقد تناول السيوطي «المعرب» «٣» وهو الألفاظ الأعجمية التي استعملها العرب الفصحاء في لغتهم في مبحث مستفيض نقل فيه خلاصة أقوال السابقين من اللغويين التي تتحدث عن وقوع المعرب في القرآن الكريم، ثم تناول الألفاظ المعربة بالتقسيم فمنها ما غيرته العرب وألحقته بكلامها كدرهم، ومنها ما غيرته ولم تلحقه مثل آجر وسفسير، وهناك ملاحظات يمكن بها الحكم على اللفظ بأنه غير عربي تتصل بتآلف الحروف، أي أنها من الخصائص الصوتية التي تنفرد بها


(١) المزهر ج ١ ص ٢٤٠ النوع الرابع عشر.
(٢) المزهر ج ١ ص ٧١ - ٧٦.
(٣) المزهر ج ١ ص ٢٦٨ - ٢٩٤، النوع التاسع عشر.

<<  <   >  >>