الاحتجاج على ألسنة المولدين فنعته اللغويون باسم «المولد» تمييزا له عن النوع السابق الذي لم يدفعوا صحة استعمال ما ورد منه في اللغة، وهذه التفرقة تبين لنا أن جمهور اللغويين يذهبون إلى أن المعرب سماعي، أي يصح استعمال ما استعمله منه الفصحاء، ولا يجوز القياس عليه وقد تبين أن هذا الموقف المتشدد قد خرج عليه كثير من الكتاب والمترجمين في العصر العباسي، وأجاز المجمع أخيرا القياس فيه على طريقة العرب في التعريب.
وقد تناول السيوطي «المولد» في مبحث مستفيض وحده بأنه «ما أحدثه المولدون الذين لا يحتج بألفاظهم»«١»، وعلى ذلك فهو يعم الألفاظ الدخيلة ويعم غيرها مما استحدث على ألسنة المولدين ولم تستعمله العرب، أي ما أصابه تحريف صوتي أو دلالي، كما يدخل فيه ما نقله المولدون بطريق التجوز أو الاشتقاق عن معناه الوضعي اللغوي الذي عرف به عند العرب الخلص إلى معنى آخر تعورف عليه إما بين عامة الناس وإما بين خاصة منهم كطوائف أرباب العلوم وغيرهم.
وبحث الألفاظ المولدة من أهم البحوث التي شغلت اللغويين العرب على مر العصور ذلك أن اللغة بطبيعتها كائن حي متطور، وهذا التطور يحدث في الألفاظ من ناحيتي الصوت والدلالة، وقد حاول اللغويون العرب أن يقفوا في وجه هذا التطور الذي كان يحدث آثاره في لغة الأمصار الاسلامية بعد اختلاط العرب بالأعاجم، حيث أخذت الألفاظ المحرفة عن الفصحى في الظهور، وبدا أثر التطور الدلالي في جانب آخر من الألفاظ، حتى غدت الأمصار الاسلامية في منتصف القرن الثاني تنطق بلغة بعيدة ومتميزة عن لغة أهل البادية، وعن اللغة التي نطق بها العرب الأولون.
حاول اللغويون جاهدين أن يقفوا في وجه هذا التطور حفاظا على لغتهم التي نزل بها القرآن الكريم فكان التحديد المكاني والزماني للاحتجاج الذي كان مبعثه الأول تطرق الخلل إلى التصرف الاعرابي المتكامل الذي احتفظت به