والبحث في التضاد وحصر الألفاظ الدالة عليه من أقدم البحوث اللغوية عند العرب وقد ألف في الأضداد غير واحد من اللغويين القدماء، كما أدلى فيه أهل الأصول بدلوهم، وقد عقد له السيوطي كما قلناه مبحثا مستقلا «١».
والأضداد نوع من المشترك اللفظي ولذلك أشار إليه بعض الأصوليين ضمن مبحث المشترك، وقد نقل السيوطي عنهم وعن اللغويين ما يتصل بالأضداد، وقد عد ابن فارس الأضداد من سنن العرب التي تحدث عنها فالجون للأسود والجون للأبيض، وقد نقل بعض محاولات القدماء في تصنيف الألفاظ باعتبار دلالتها على المعاني واتفاقها أو اختلافها وتقاربها أو تباعدها وهو ما تحدث عنه في كتاب ما اتفق لفظه واختلف معناه وسماه ابن فارس أجناس الكلام في الاتفاق والافتراق، حيث صنف الألفاظ إلى ثمانية أقسام بهذا الاعتبار، وقد أورد السيوطي عددا كبيرا من الأمثلة للتضاد نقلا عن كتب اللغة، وقد نبه السيوطي على أن ابن درستويه ممن أنكر الأضداد، ثم نقل كثيرا من الأقوال في مبحثه عن كتاب الأضداد لأبي بكر بن الأنباري.
أما وقد انتهينا من عرض مباحث الدلالة التي تناولها السيوطي فإننا نختتم بملاحظة نلاحظها على دراسة المعنى وهي أن الأصوليين قد اهتموا بهذا النوع من الدراسة وكانت عنايتهم به بالغة، وقد أفاد السيوطي من دراساتهم ومن دراسات اللغويين، وأخرى أن هؤلاء وهؤلاء كان منهجهم في دراسة اللغة أصواتا أو دلالات منهجا وصفيا يعتمد على النظر في اللغة ونصوصها وألفاظها ويدرس دلالاتها، ثم يستخرج بعد ذلك ملاحظاته أو قوانينه، ويصنف الظواهر المدروسة، وهذا هو المنهج الذي ينادي به اللغويون المحدثون، وهو المنهج الذي حاول السيوطي عن طريق نقوله وعرضها أن يبرزه.