للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نشأة اللغة من ينتصر لهذا القياس ويرى ثبوت الألفاظ به، وهو ما عبر عنه السيوطي بانكار جواز قلب اللغة «١»، وفي هذا دلالة على النظرة الواقعية إلى حد كبير في اللغة، ذلك أن حقيقة إنكار هذا النوع من القياس فضلا عن صلته بالأحكام الشرعية تكمن في أن هذه الألفاظ لم يتح لها من تعارف مجتمع الناطقين بها ما يسوغ استعمالها، فاللغة مواضعة بين جميع الناطقين وهي من صنع المجتمع، وليست من صنع فرد أو مجموعة من الأفراد.

إنّ بحث القدماء لا سيما الأصوليين لهذا الموضوع يؤكّد إدراكهم الصحيح لعرفية اللغة، وأنّ دلالات ألفاظها عرفية لا يجوز للعقل أن يتدخل في تغييرها أو تبديلها ولذلك يكثر عند الأصوليين أن يقولوا «لا مجال للعقل في اللغات» أو «لا قياس في اللغات» وهم يعنون ما بيناه من تأكيد هذه العرفية، ويدحض ما يتوهمه بعض الدارسين المحدثين الذين يتصورون أن المعنى عند الأصوليين عقلي.


(١) الاقتراح في علم أصول النحو ص ٧.

<<  <   >  >>