للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

النحو، وهو ما لم يتنبه إليه ابن الأنباري الذي ألف في الأصول من قبل.

والواقع أن التدرج التاريخي واستقرار علم أصول الفقه بحيث درج الفقهاء على أن يبدءوا مؤلفاتهم بالمقدمات اللغوية التي تهم الأصوليين، ثم يتحدثون بعد ذلك عن الأصول الأربعة القرآن والسنة والاجماع والقياس ثم يتبعون ذلك ببقية الأدلة، هو الذي حدا بالسيوطي إلى أن يرتب كتابه على النحو الذي انتهى إليه الفقهاء في أصولهم، ولعل هذا الترتيب لم يكن قد استقر عند وضع ابن الأنباري كتابه، وقد عبر السيوطي عن سبقه وابتكاره في هذا الكتاب قائلا: إن «جمعه وترتيبه صنع مخترع، وتأصيله وتبويبه وضع مبتدع» «١».

ثالثا: المقدمات التي قدم بها السيوطي لكتابه لم يتناولها ابن الأنباري، وقد تشتت وتفرق بعضها في مباحث ابن جني، بينما جمعها السيوطي وجعلها بمثابة المقدمات لهذا الكتاب، وقد تناول فيها باختصار شديد يبين فهمه أنها مقدمات لهذا العلم وليست من أصوله، تناول فيها حدود النحو واللغة والقول في نشأة اللغة ومناسبة الألفاظ للمعاني، والدلالات النحوية، كما تناول الحكم النحوي وقسمه كتقسيم الفقهاء للحكم الفقهي إلى واجب وممنوع وحسن وقبيح وخلاف الأولى وجائز على السواء «فالواجب كرفع الفاعل وتأخيره عن الفعل، وجر المضاف إليه وتنكير الحال والتمييز ونحو ذلك، والممنوع كأضداد ذلك، والحسن كرفع المضارع الواقع جزاء بعد شرط ماض، والقبيح كرفعه بعد شرط المضارع، وخلاف الأولى تقديم الفاعل في نحو «ضرب غلامه زيدا»، والجائز على السواء كحذف المبتدأ أو الخبر وإثباته حيث لا مانع من الحذف ولا مقتضى له» «١».

وهذا التقسيم تحت هذه المصطلحات الأصولية لا نجده عند ابن جني ولا عند ابن الأنباري، وقد قسمه أيضا إلى رخصة وغيرها، فالرخصة ما جاز استعماله لضرورة الشعر وتتفاوت الضرورة حسنا وقبحا، وقد بين السيوطي مراتب الحسن والقبح في الضرورة الشعرية ممثلا بالأمثلة «٣».


(١) الاقتراح ص ١٠.
(٣) الاقتراح ص ١١، ١٢.

<<  <   >  >>