الحمد لله الأوّل الأزلي قبل الكون والمكان، من غير أوّل ولا بداية، الآخر الأبدي بعد فناء المكنونات والأزمان بغير آخر ولا غاية، الظاهر في علوّه بقهره عن غير بعد، والباطن في دنوّه بقربه من دون مسّ، الذي أحسن بلطفه كل شيء بدأه وأتقن صنع كل شيء أنشأه، ودبرت الأحكام حكمته وصرفت المحكومات مشيئته، فأظهر في الغيب والشهادة لطيف قدرته وعمّ في العاجل والآجل خلقه بنعمته، ونشر على مَن أحبّ منهم فضله، وبسط لجميعهم عدله، وأنعم عليهم بتعريفهم إياه، سبحانه وتعالى، به عزّ وجلّ، وأحسن إليهم باجتبائه إياهم إليه، وأفضل عليهم بتيسير كلامه لهم، ومنَّ عليهم ببعثه رسولاً من أنفسهم إليهم، فنسأله الصلاة على النبي وآله، وأن يوزعنا بفضله وشكر نعمه، ويعرفنا خفيّ قدره، وصلّى الله تبارك وتعالى على سيّد الأوّلين والآخرين، رسوله المفضل بالشفاعة والحوض المورود، المخصوص بالوسيلة والمقام المحمود، وعلى إخوانه السالفين في الأزمان، وأنصاره التابعين بإحسان.
وبعد فهذا كتاب قوت القلوب في معاملة المحبوب ووصف طريق المريد إلى مقام التوحيد، تصنيف الشيخ أبي طالب محمد بن علي بن عطية الحارثي المكي رضي الله عنه يشتمل على ثمانية وأربعين فصلاً هذا ذكرها: الفصل الأول: في ذكر الآي التي فيها المعاملات.
الفصل الثاني: في الآي التي فيها ذكر أوراد الليل والنهار.
الفصل الثالث: في ذكر عمل المريد في اليوم والليلة.
الفصل الرابع: في ذكر ما يستحب من الذكر وقراءة الآي المندوب إليها بعد التسليم من صلاة الصبح.
الفصل الخامس: في ذكر الأدعية المختارة بعد صلاة الصبح.