للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[ذكر أخبار جاءت في التقلل والحمية وذم البطنة]

في حديث إسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم قال: قال أبو الدرداء: بئس العون على الدين قلب نجيب وبطن رغيب ونعظ شديد نجيب، يعني خفيفاً ضعيفاً، ورغيب يعني واسعة طامعة، قيل لبعض الحكماء: أي الطعام أطيب؟ فال: الجوع أعلم، أي به يطيب الطعام: كما قيل: نعم الإدام الجوع ما ألقيت إليه قبله، قال العتبي: قال عبيد الله لرجل من أهل الدمينة: يا أخي إني لأعجب أنّ فقهاءكم أظرف من فقهائنا، وعوامكم أظرف من عوامنا، ومجانينكم أظرف من مجانيننا، قال: فتدري لِمَ ذاك؟ قلت: لا، قال: الجوع ألا ترى أنّ العود إنما صفي صوته من خلوّ جوفه؟ يقال دعا عبد الله بن الزبير الحسن بن عليّ رضي الله عنهم فحضر هو وأصحابه فأكلوا ولم يأكل هو فقيل له في ذلك، قال: إني صائم، ولكن تحفة الصائم قال: وماهي؟ قال: الدهن والمجمرة، وكذلك يقال: الكحل والدهن أحد القرابين واللبن أحد اللحمين والفاكهة، والحديث للضيف أحد الضيافتين، فيستحب لمن كان صائماً فحضر ولم يأكل أن يطيب ويحيي فذاك زاده، روي أنّ عبد الرحمن بن أبي بكر كان على خوان معاوية فرأى معاوىة لقم عبد الرحمن، فلما كان بالعشي راح إليه أبو بكرة وحده فقال له: ما فعل ابنك التلقامة؟ قال: اعتلّ، قال معاوية: مثله لا يعدم العلّة، وقيل لأبي بكرة: إنّ ابنك أكل حتى بشم، قال: لو مات ما صلّيت عليه، ويقال للبشم سكر كسكر الخمر، وسئل الحارث بن كلدة طبيب العرب: ما الدواد الذي لا داء فيه، فقال: هو اللازم؛ يعني الحمية، وقيل لجالينوس: إنك تقلّ من الطعام فقال: غرضي من الطعام أن آكل لأحيا وغرض غيري من الطعام أن يحيا ليأكل، ويقال: ما أدخل الإنسان جوفه أنفع من الرمان ولا أضرّ من المالح، ولأن يتقلّل من المالح خير من أن يستكثر من الرمان، هذا لذّم الاستكثار وإن كان مما ينفع، ومدح القلّة وإن كان ما يضرّ، حدثت عن عبد المنعم بن إدريس عن أبيه عن وهب بن منبه قال: قال لابنه: يا بني إن طول الجلوس على الخلاء يرفع الحرارة إلى الرأس ويورث الباسور ويبجبع له الكبد، اجلس هويناً وقم، قال: حكمه على باب الحش، ويقال: سأل الحجاج جلساءه: ما أذهب الأشياء للإعياء؟ قالوا: أكل التمر، وقال بعضهم: الحمام، وقال بعضهم: الجماع، وقال آخر: الصمائخ، فقال يتاذوق: أذهب الأشياء للإعياء قضاء الحاجة، حدثت عن بعض الأطباء أنّ رجلاً شرب خبث الحديد المعجون فبقي في جوفه واشتّد به وجعه، قال: فسحقت له قطنة مغناطيس وسقيته إياه فتعلق بالخبث وخرج مع الغائط.

وروى الأصمعي عن جعفر بن سليمان قال: قال يتاذوق الفيلسوف: إنّ اللحم على

<<  <  ج: ص:  >  >>