للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل الثامن والأربعون

كتاب تفصيل الحلال والحرام

[وما بينهما من الشبهات وفضل الحلال وذم الشبهة وتمثيل ذلك بصور الألوان:]

روينا عن أبي هريرة عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يأتي على الناس زمان لا يبقى فيه أحد إلاّ أكل الربا، فمن لم يأكله أصابه من غباره يعني والله أعلم أنه يدخل عليه، وإن لم يعمل به من غير قصد له ولا اكتساب، كما يدخل الغبار في المشام للمجتاز لفشو الربا وانتشار مداخله مما لا يمكن التحرز منه، وفي الخبر: درهم من ربا أعظم عند الله عزّ وجلّ من ثلاثين زنية في الإسلام، وما تواعد الله عزّ وجلّ ولا تهدّد في معصية مثل ما تواعد في أكل الربا، فإنه عزّ وجلّ عظم شأنه بوصفين عظيمين إعظاماً له وترهيباً منه، فذكر في أوله المحاربة لله عزّ وجلّ ولرسوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وفي آخره الخلود في النار ينتظم ذلك في قوله: (يَاأَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنينَ) البقرة: ٢٧٨ ثم اشترط للإيمان ترك الربا بقوله: إن، وهي للشرط والجزاء ثم قال: (فَإنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) البقرة: ٢٧٩ ثم أوجب التوبة منه بعد إعلامه الظلم منه فقال: وإن تبتم فلكم رؤوس أموالكم، لا تظلمون ولا تظلمون، ثم نص على تحريمه في قوله: (وأَحَلَّ اللهُ البَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا) البقرة: ٢٧٥ ثم تواعد بالخلود بعد ذلك كله فقال: (ومَنْ عَادَ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فيها خالِدُونَ) البقرة: ٢٧٥، وهذا من شديد الخطاب وعظيم العذاب.

وروي عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: طلب الحلال فريضة بعد الفريضة، فسوّى بينه وبين العلم في الفرض فأوجب الطلب لهما، مثل فرض الحلال

<<  <  ج: ص:  >  >>