الجاثية: ١٨، فالشريعة اسم من أسماء الطريق، وهو اسم الطريق الواضح المستقيم الواسع، وهو وصف لطريق جامع لجوامع المحاج كلّها، كأنه طريق يستوعب ويجمع سائر الطرق، وللطريق أسماء كثيرة منها الصراط المستقيم والسبيل والمنهاج والمحجّة والمنسك، وجاء من اشتقاق هذا اللفظ أربعة أسماء: شارع، ومشرعة، وشرعة، وشريعة؛ وهو اسم لأوسعها وأوعبها لجميع الطرق، فالشريعة تشتمل على اثنتي عشرة خصلة هي جامعة لأوصاف الإيمان؛ أول ذلك الشهادتان وهي الفطرة، والصلوات الخمس وهي الملة، والزكاة وهي الطهرة، والصيام وهو الجنة، والحج وهو الكمال، والجهاد وهو النصر، والأمر بالمعروف وهو الحجة، والنهي عن المنكر وهو الوقاية، والجماعة وهي الألفة، والاستقامة وهي العصمة، وأكل الحلال وهو الورع، والحبّ والبغض في الله وهو الوثيقة، وقد روينا بعض هذه الخصال عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وقد جاء نحوها عن ابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهما.
ذكر شرط المسلم الذي يكون به مسلماً
لا يكون معتقد البدعة، ولا مقيماً على كبيرة، ولا آكل الحرام، ولا طاعناً على صالح السلف، ويكون كافّ اللسان واليد عن أعراض المسلمين وأموالهم، ويكون ناصحاً لجميع المسلمين مشفقاً عليهم، يسرّه ما يسرّهم ويسوءه ما يسوءهم، سيما لأئمتهم، داعياً لجملتهم، ويكون مخلصاً لأعماله كلها لله تعالى، وروي عن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: والذي نفسي بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ولا يؤمن حتى يأمن جاره بوائقه، وروي عنه: ثلاث لا يغلّ عليهن قلب مسلم: إخلاص العلم لله تعالى، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم الجماعة، فإن دعوتهم تحيط من ورائهم، ومن اجتمعت فيه هذه الخصال في زماننا هذا فهو من أولياء الله عزّ وجلّ؛ وهذا أول ولاية وأول نظرة من الله تعالى حامية عاصمة راحمة، وكتب عمر بن عبد العزيز إلى سالم بن عبد الله: اكتب إليّ بسيرة عمر رضي الله تعالى عنه في الناس فإني أحب أنّ أسير بها فكتب إليه: أما بعد فإنك لست في زمان عمر، ولا لك رجال كرجال عمر؛ فإن عملت في زمانك هذا ورجالك هؤلاء بسيرة عمر فأنت خير من عمر رضي الله عنه.
[ذكر حسن إسلام المرء وعلامات محبة الله تعالى له]
يكون محباً للخير وأهله، مجانباً للشرّ وأهله، مسارعاً إلى ما ندب إليه أو أمر به إذا