للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه السلام أمته، وهو الذي أخبر به موسى عليه السلام أمته، وهو المذكور في التوراة والإنجيل وسائر كتب الله عزّ وجلّ المنزلة، وهو الذي أخذ الله ميثاق النبيين أن يؤمنوا به وينصروه لو أدركوه، فأقرّوا بذلك وشهد الله تعالى على شهادتهم، وهو الذي أخذت الأنبياء شهادة الأمم على الإيمان به وأمرتهم بتصديقه وأخبرتهم بظهوره، وأنّ موسى وعيسى عليهما السلام لو أدركاه لزمهما الدخول في شريعته، وأنّ بقية بني إسرائيل من اليهود والنصارى كفرة بالله لحجودهم رسالته، وأن إيمانهم بكتابه مفترض عليهم مأمور به في كتبهم وعلى ألسنة رسلهم، وأنّ طاعته ومحبته فريضة واجبة على الكافة كطاعة الله تعالى، واتباع أمره واجتناب نهيه مفترضة على الأمة إيجاباً أوجبه الله تعالى له، وفرضاً افترضه على خلقه متصل بفرائضه.

[ذكر فضائل شهادة الرسول]

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

قال الله تعالى: (قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ الله فَاتَّبِعُوني يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُم ذُنُوبَكُمْ) آل عمران: ٣١، وقال الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لايؤمن عبد حتى أكون أحب إليه من أهله وماله والناس أجمعين، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لو أدركني موسى وعيسى ما وسعهما إلا اتباعي، وروينا في لفظ آخر: ثم لم يؤمنا بي لأكبهما الله في النار، وحدّثونا في الإسرائيليات أنّ رجلاً عصى الله تعالى مائتي سنة، في كلها يتمرد ويجترئ على الله، فلما مات أخذ بنو إسرائيل برجله وألقوه على مزبلة، فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام أن غسله كفنه وصل عليه في جميع بني إسرائيل، ففعل ما أمر به فعجب بنو إسرائيل من ذلك، وأخبروه أنّه لم يكن في بني إسرائيل أعتى على الله ولا أكثر معاصٍ منه، فقال: قد علمت، ولكن الله تعالى أمرني بذلك، قالوا: فاسأل لنا ربّك، فسأل موسى عليه السلام ربّه فقال: يا ربّ، قد علمت، ما قالوا، فأوحى الله تعالى إليه أن صدقوا أنه عصاني مائتي سنة إلاّ أنه يوماً من الأيام فتح التوراة فنظر إلى اسم حبيبي محمد مكتوباً، فقبله ووضعه على عينه، فشكرت له ذلك، فغفرت له ذنوب مائتي سنة، وحدّثنا في معناه عن العباس بن عبد المطلب قال: كنت مؤاخياً لأبي لهب، مصافياً له، فلما مات وأخبر الله تعالى عنه بما أخبر، حزنت عليه وأهمني أمره، فسألت الله تعالى عليه حولاً أن يريني إياه في المنام، قال: فرأيته يلتهب ناراً فسألته عن حاله فقال: صرت إلى النار في العذاب، لا يخفف عني ولا يروح إلا ليلة الإثنين في كل الليالي والأيام فإنه يرفع عني العذاب، قلت وكيف ذلك؟ قال: ولد في تلك الليلة محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فجاءتني أميمة فبشرتني بولادة آمنة إيّاه، ففرحت بمولده،

<<  <  ج: ص:  >  >>