للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفصل السابع والثلاثون

شرح الكبائر التي تحبط الأعمال

[وتوبق العمال وتفصيل ذلك ومنازل أهلها فيها ومسألة محاسبة الكفار:]

قال الله تعالى: (إنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) النساء: ٣١، فاشترط لتكفير الصغائر من السيئات اجتناب الكبائر الموبقات، وقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة تكفر ما بينهن لمن اجتنب الكبائر، وفي لفظ آخر: كفّارات لما بينهن إلاّ الكبائر، فاستثنى من كفّارات الذنوب الكبائر، فاختلف العلماء من الصحابة والتابعين في الكبائر من أربع إلى سبع إلى تسع إلى إحدى عشرة فما فوق ذلك، فكان ابن مسعود يقول: هنّ أربع، وكان ابن عمر يقول: الكبائر سبع، وقال عبد الله بن عمر وهنّ تسع، وكان ابن عباس إذا بلغه قول ابن عمر إنّ الكبائر سبع يقول: هي إلى سبعين أقرب منها إلى سبع، وقال مرة: كل ما نهى الله تعالى عنه فهو من الكبائر، وقال هو وغيره: كل ما توعد الله تعالى عليه بالنار فهو من الكبائر، وقال بعض السلف: كلما أوجب الحد في الدنيا فهو كبيرة، والصغائر عندهم من اللمم وهو ما لا حدّ فيه وما لم يتهدد بالنار عليه، فقد روي هذا عن أبي هريرة وغيره، وكان عبد الرزاق يقول: الكبائر إحدى عشرة وهذا أكثر ما قيل في جملة عددها مجملاً، وقيل: إنها مبهمة لا يعرف حقيقة عددها كإبهام ليلة القدر وساعة يوم الجمعة والصلاة الوسطى ليكون الناس على خوف ورجاء فلا يقطعون بشيء ولا يسكنون إلى شيء، وقد قال ابن مسعود فيها قولاً حسناً من طريق الاستنباط، وقد سئل عن الكبائر فقال: اقرأ من أول سورة النساء إلى رأس ثلاثين آية منها عند قوله: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عِنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئاتِكُمْ) النساء: ٣١، فكل ما نهى الله تعالى عنه من أول السورة إلى ها هنا فهو من الكبائر، فأشبه هذا استدلال قول ابن عباس في استنباط ليلة القدر أنها ليلة سبع وعشرين، أنه عد كلمات سورة القدر حتى انتهى إلى قوله هي فكان سبعاً وعشرين كلمة، والله أعلم بحقيقة هذين القولين والذي عندي في جملة ذلك مجتمعاً من المتفرق سبع عشرة تفصيلها: أربعة من

<<  <  ج: ص:  >  >>