نسعي ونحفد، أي إليك نعمل ونخدم مثل قوله تعالى:(بَنِينَ وَحَفَدَةً) النحل: ٧٢ أي خدماً في أحد الوجوه والعبادة هي الخدمة بذلّ وتواضع، والعرب تقول: طريق معبّدٍ إذا كان مذللاً ممهداً وموطوءًا بالأقدام، ويقولون: بعير معبد إذا كان ممتهناً بالكد نضواً من السير والحمل عليه، ومنه قول القبط: أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون، يعنون بني إسرائيل، خدمنا نستذلّهم ونمتهنهم بالكدّ والعمل، وقال بعض العارفين: إنّ الله سبحانه وتعالى اطلع على قلوب طائفة من عباده فلم يرها تصلح لمعرفته ولا موضعاً لمشاهدته، فرحمها فوهب لها العبادات والأعمال الصالحات، ثم إطلع على قلوب طائفة أخرى من خلقه فلم يرَ جوارحهم تصلح لخدمته ولا موضعاً لمعاملته، فاستعملهم للدنيا وعبّدهم لأهلها، ومن هذا قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تعس عبد الدينار والدرهم، تعس عبد الزوجة، تعس عبد الخميصة؛ أي الذين يذلون لهذه الأشياء ويسعون لها، وفي أخبار داود عليه السلام: إني خلقت محمداً لأجلي وخلقت آدم لأجل محمد، وخلقت جميع ما خلقت لأجل ولد آدم، فمن اشتغل منهم بما خلقته لأجله حجبته عني، ومن اشتغل منهم بي سقت له ما خلقته لأجله. وأحبه لمن يحبه واختار له من عبده من العبيد من خصوص العاملين له، وهم العالمون به دون من صرفه في رزق نفسه بنفسه، وهو قوله تعالى:(إلاّ لِيَعْبُدُونِ)(مَا أُريدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ) الذاريات: ٥٦ - ٥٧، أي أن يرزقوا نفوسهم بكسبهم الذي أبحته لهم، فيكونوا كغيرهم ممن قلت له: اذهب فتكسب، فقد أردت منك الرزق لنفسك بكسبك وقد وهبته لك، أي أنا أُريد من هؤلاء العبادة ولها خلقتهم فكل ميسر لما خلق له، فمن كانت صنعته العبادة وخلق لها، يسرت له، ومن كانت صنعته الدنيا وخلق لها، يسرت له، وفي الخبر أنّ الله تعالى خلق كل صانع وصنعته، ويقال إنّ الله تعالى لما أظهرالخلق في العدم أظهر لهم الصنائع كلها، ثم خيّرهم فاختار كل واحد صنعته، فلما أبداهم في الوجود أجرى على كل واحد ما اختار لنفسه قال: وانفردت طائفة فلم تختر شيئاً، فقال لها: اختاري فقالت: ما أعجبنا شيء رأيناه فنختاره قال: فأظهر مقامات العبادات فقالت: قد اخترنا خدمتك فقال: وعزّتي وجلالي لأخدمنّكم إياهم ولأسخرنّهم لكم، وفي الخبر: أوحى الله تعالى إلى الدنيا: اخدمي من خدمني، وأتعبي من خدمك فالعبادة هي الخدمة، ومن ذلك قولهم: إياك نعيد ولك نصلِي ونسجد، وإليك نسعي ونحفد، أي إليك نعمل ونخدم مثل قوله تعالى:(بَنِينَ وَحَفَدَةً) النحل: ٧٢ أي خدماً في أحد الوجوه والعبادة هي الخدمة بذلّ وتواضع، والعرب تقول: طريق معبّدٍ إذا كان مذللاً ممهداً وموطوءًا بالأقدام، ويقولون: بعير معبد إذا كان ممتهناً بالكد نضواً من السير والحمل عليه، ومنه قول القبط: أنؤمن لبشرين مثلنا وقومهما لنا عابدون، يعنون بني إسرائيل، خدمنا نستذلّهم ونمتهنهم بالكدّ والعمل، وقال بعض العارفين: إنّ الله سبحانه وتعالى اطلع على قلوب طائفة من عباده فلم يرها تصلح لمعرفته ولا موضعاً لمشاهدته، فرحمها فوهب لها العبادات والأعمال الصالحات، ثم إطلع على قلوب طائفة أخرى من خلقه فلم يرَ جوارحهم تصلح لخدمته ولا موضعاً لمعاملته، فاستعملهم للدنيا وعبّدهم لأهلها، ومن هذا قول النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تعس عبد الدينار والدرهم، تعس عبد الزوجة، تعس عبد الخميصة؛ أي الذين يذلون لهذه الأشياء ويسعون لها، وفي أخبار داود عليه السلام: إني خلقت محمداً لأجلي وخلقت آدم لأجل محمد، وخلقت جميع ما خلقت لأجل ولد آدم، فمن اشتغل منهم بما خلقته لأجله حجبته عني، ومن اشتغل منهم بي سقت له ما خلقته لأجله.
[ذكر حكم المتوكل إذا كان ذا بيت]
فإن كان المتوكل ذا بيت فليغلقه إذا خرج، إحرازاً له لأجل الأمر بالحذر ولإتّباع السنّة والأثر قال الله تعالى:(يَا أيُّهَا الَّذينَ آمنُواخُذُوا حِذْرَكُمْ) النساء: ٧١، وقال تعالى:(واحْذَرْهُم أنْ يَفْتنوك) المائدة: ٤٩، وقد يروي في خبر اعقلها وتوكل ولاينقص ذلك توكله إذا كان ساكن القلب إلى الله لا إلى خلقه، ناظراً إلى حسن تدبيره في تبقية رحله أو إذهابه لا إلى إحرازه، غير مختار لبقاء ما في بيته على اختيار الله له لحسن أحكامه عنده، لأن الله تعالى إذا رفع عبداً إلى مقام التوكّل عليه في شيء أعطاه التوكل في كل شيء، كما لا يكون توّاباً يحبه الله حتى يتوب إلى اللّّه بكل شيء وفي كل شيء أي يرجع إليه بالأشياء وفيها، فلذلك قال الله تعالى:(إنَّ الله يُحِبُّ الُْمُتَوَكلَّينَ) آل عمران: ١٥٩، كما قال:(إنَّ اللّّه يُحِبُّ التَّوَّابينَ) البقرة: ٢٢٢، مع قوله:(وَعَلَى الله فَلْيَتوَكَّلَ الْمُتَوكِّلُونَ) إبراهيم: ١٢، أي ليتوكل عليه في كل شيء، من توكل عليه في شيء، هذا أحسن وجوهه، والوجه الآخر وعليه فليتوكل في كل توكّله من توكل عليه في الأشياء لأن