للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قدر عليه، حزيناً على ما فات من ذلك إذا أعجزه، تاركاً لما لا يعنيه من الأقوال والأفعال، بريئاً من التكلّف؛ وهو اجتناب ما لم يؤمر به ولم يندب إليه من ترك وفعل مصلّياً للخمس في جماعة إذا أمن الفتنة وسلم له دينه، ومجتنباً للغيبة ولذكر الناس، يحبّ للكافة ما يحب لنفسه ويكره لهم ما يكره لنفسه، ومسارعاً إلى الخيرات، مسابقاً إلى أعمال البرّ والقربات، طويل الصمت، لينّ الجانب، ذليلاً للمؤمنين، عزيزاً على المتكبرين، لا يماري في الباطل ولا يداهن في الدين، ولا يبغض على شيء من الحق وإن كان عليه، أو من أبعد الناس منه، ولا يحبّ على شيء من الباطل وإن كان له أو من أقرب الناس إليه، كارهاً للمدح ممن يحبه، قابلاً للنصح ممن يبغضه، يكون المدح والذم يجريان من قلبه مجرى واحد، صدوقاً فيما يضرّه، غير متصنّع بما يستعجل نفعه، سريرته أفضل من علانيته، محتملاً لأذى الخلق، صابراً على بلائهم، منفرداً بحاله عنهم، تاركاً الكثير من مجالسهم واجتماعهم خشية دخول الشبهات عليه، وخوفاً من تغيّر قلبه له، ومن اجتمعت فيه هذه الخصال في زماننا هذا فهو من المريدين للآخرة، وهذه ولاية ثانية ونظرة ثانية، ويقال إنّ أبدال كل قرن على قدر زمانهم وفي كل قرن سابقون ومقربون.

وقال بعض أهل التفسير في قوله تعالى: (لَتَرْكَبُنَّ طَبَقاً عَن طَبَقٍ) الإنشقاق: ١٩، قال: لتركبنّ في كل قرن في طبقة من الناس على حال لم يكونوا عليه، وأكثر ما قيل في القرن مائة سنة، وأقل ما قيل فيه أربعون، وأوسط ذلك وأعدله وأشبهه بحمل الأحاديث والأخبار فيه أنّ القرن سبعون سنة؛ وهو قول عليّ رضي الله عنه، لأن رأس المائتين تمام ثلاثة قرون من المبعث، ونحن الآن في القرن السادس من أول سنة أربعين وثلاثمائة وآخره سنة عشر وأربعمائة، ويقال: إن الشمس تطلع من المغرب بعد القرن السابع وهو رأس الثمانين وأربعمائة وعلى قول من قال: القرن مائة سنة تطلع بعد سبعمائة سنة، وفي الخبر: أنّ ملك الموت إذا جاء لقبض روح المؤمن قال له ملكاه: أنظرنا حتى نملأ مسامعه من الثناء الحسن، فيقولان: جزاك الله عنّا خيراً فإنك كنت ما علمنا سريعاً في طاعة الله تعالى بطيئاً عن معاصية تحبّ الخير وأهله وتعمل بما استطعت منه، فربّ كلام حسن قد أسمعتنا ومجلس كريم قد أجلستنا فأبشر بالموعود الصدق بيننا وبينك الوقوف بين يدي الله تعالى بالشهادة لك عنده غداً.

[ذكر حق المسلم على المسلم وهو وجوب حرمة الإسلام على المسلمين]

وذلك عشر خصال مجموعة من ستة أحاديث؛ حديث عليّ رضي الله عنه: للمسلم على المسلم ست خصال واجبة، وحديث أبي أيوب الأنصاري: حق المسلم على المسلم ستّ خصال إن ترك منها شيئاً ترك حقّاً واجباً عليه، وحديث البراء بن عازب: أمرنا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسبع ونهانا عن سبع، وحديث ابن مسعود: للمسلم على المسلم أربع خلال واجبات، وحديث سعد وأبي هريرة في معنى ذلك، وحديث أنس: أربع من حق

<<  <  ج: ص:  >  >>